المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

335

الموضوعىّ بالإمكان أن يقال: لا محذور في الجمع بين التعبّدين: بأن يتعبّد الشخص بكونه عالماً بكذا، ويتعبّد بكونه عالماً بخلافه ـ أيضاً ـ على حسب اختلاف الأمارتين.

والتحقيق هنا: التفصيل بين ما إذا كان علمه بكذا موضوعاً لحكمه، وعلمه بخلافه موضوعاً لخلاف ذلك الحكم، فعندئذ يقع التعارض والتساقط، وما إذا لم يكن كذلك، فنلتزم بعدم التساقط بالنسبة إلى آثار القطع الموضوعىّ(1).

الثاني: تترتّب على قيام الأمارة مقام القطع الموضوعىّ وعدمه ثمرات، لذكر كلّ واحد منها موضع خاصّ في الاُصول، إلّا أنّ هنا ثمرة لم يذكروها في موضع من مواضع الاُصول، فنحن نذكرها هنا: وهي عبارة عن جواز أو عدم جواز إسناد الحديث إلى الإمام مع عدم العلم بصدقه. والوجه في عدم الجواز أحد أمرين:

الأوّل: حرمة الكذب بمعنى الخبر المخالف للواقع، فنحن نعلم إجمالاً بأنّ هذا الإسناد أو نفيه كذب.

والثاني: حرمة إسناد ما لم يعلم أنّه من الشارع إليه، وهذا عنوان آخر غير الكذب، وهو المصطلح عليه بالتشريع؛ فإنّه أحد قسمي التشريع، وهو التشريع القولىّ في قبال التشريع العملىّ.

أمّا تطبيق حرمة الكذب على المقام وعدمه، فليس متفرّعاً على قيام الأمارات مقام القطع الموضوعىّ وعدمه، وإنّما هو متفرّع على حجّيّة خبر الواحد في الموضوعات وعدمه، فالخبر الذي ينقل شيئاً عن الإمام(عليه السلام) يدلّ بالملازمة على أنّ إسناد ذلك الشيء إلى الإمام ليس كذباً، وهذا إخبار في الموضوعات، فبناءً على حجّيّة خبر الواحد في


(1) لايخفى أنّنا إن تصوّرنا القطع الموضوعىّ المأخوذ على وجه الكاشفيّة بالمعنى الذي احتملنا أن يكون مراد الشيخ الأعظم(رحمه الله): وهو أن يكون موضوع الحكم ابتداءً جامع الحجّة، أو جامع الكاشف الشامل للفرد التعبّديّ، فمتى ما تمّ التساقط بالنسبة إلى آثار القطع الطريقىّ، كان التساقط بالنسبة إلى آثار القطع الموضوعىّ واضحاً؛ إذ مع فرض التساقط بالنسبة إلى آثار القطع الطريقىّ لم تتمّ الحجّة أو الكاشف كي يكون موضوعاً لآثار القطع الموضوعىّ.