المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

333

تنبيهات

وينبغي التنبيه على اُمور:

الأوّل: لا إشكال في أنّ حكومة دليل حجّيّة الأمارة على أدلّة أحكام ما تعلّق به العلم إنّما تكون بلحاظ مرحلة التنجيز من دون تحقّق توسعة وضيق في مرحلة الواقع، ومن هنا لا بأس باستعمال مصطلح الحكومة الظاهريّة في المقام، بأن يقال: إنّ حكومة الأمارات على الأحكام الواقعيّة بالنسبة إلى قيامها مقام القطع الطريقىّ حكومة ظاهريّة.

وأمّا حكومة دليل حجّيّة الأمارات على أدلّة أحكام القطع الموضوعىّ لو قلنا بها، فليست حكومة ظاهريّة، وإن كان ذلك ظاهر كلام المحقّق النائينىّ(رحمه الله) وصريح كلام المحقّق الإصفهانىّ(قدس سره). فإذا قامت الأمارة على حياة ولد زيد مع فرض حكم الشارع على زيد بالتصدّق عند العلم بحياته(1)، لم يكن وجوب التصدّق الثابت له حكماً ظاهريّاً، بل هو حكم واقعىّ، ويكون موضوع وجوب التصدّق واقعاً أعمّ من علمه بحياة ولده وقيام


الجامع بين الفرد الوجدانيّ والفرد التعبّديّ. فإذا فرض الأوّل، كفانا إطلاق التنزيل لو كان الدليل لفظيّاً فيه إطلاق، وإذا فرض الثاني، لم نحتج في الحكومة إلى النظر، وإن لم يفرض لا هذا ولا ذاك، لم تقم الأمارة مقام القطع الموضوعىّ.

(1) كنت قد كتبت العبارة هنا هكذا: (فإذا قامت أمارة على حياة ولد زيد الناذر للتصدّق عند العلم بحياته)، ثُمّ قرأتها بحضور اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)، فأمرني بتبديلها إلى ما هو موجود فعلاً في المتن. وذكر في وجه ذلك: أنّ مثال النذر وقع في كلام الشيخ الأعظم(قدس سره)، لكنّ التحقيق: أنّه بناء على قيام الأمارة مقام القطع الموضوعىّ لا تقوم مقامه في باب النذر؛ وذلك لأنّ الموضوع لجعل الناذر إنّما هو القطع بحياة ولده، والشارع أمضى في دليل وجوب الوفاء بالنذر نفس ما جعله الناذر على نفسه، أي: جعل مثل جعله عليه، ولا معنى لحكومة دليل حجّيّة الأمارة على جعل الناذر، ولاعلى جعل الشارع: أمّا الأوّل فلأنّه لا معنى لحكومة كلام شخص على كلام جاعل آخر، وأمّا الثاني فلأنّ المفروض أنّ جعل الشارع في دليل الوفاء بالنذر إنّما كان بعنوان إمضاء جعل الناذر وبعنوان إيجاب الوفاء بالنذر، فالحكومة على هذا الجعل إنّما تكون بتبع الحكومة على جعل الناذر ونذره التي قد عرفت عدمها. نعم، لو ورد دليل على أنّ التصدّق عند قيام الأمارة على حياة الولد وفاء بالنذر تعبّداً، قلنا بوجوبه، لكنّ هذا غير ما هو المفروض في المقام: من أنّ الدليل إنّما دلّ على أنّ الأمارة القائمة على حياة الولد علم، فهذا إنّما يحكم على دليل وجوب الوفاء بالنذر بتبع حكومته على نذر الناذر، وقد قلنا: إنّ حكومته على نذر الناذر غير معقولة، فبالتالي لا تعقل حكومته على دليل وجوب الوفاء بالنذر؛ إذ لم يفرض التصدّق في هذا الدليل وفاءً بالنذر.