المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

322

موضوعها خصوص عدم البيان، بل موضوعها عدم شيئين: أحدهما البيان، والآخر العلم بأنّ أهميّة الحكم عند المولى تكون بنحو لا يرضى بتركه عند الشكّ، كما لو غرق شخص، وكان فرض وجوب إنقاذه هو فرض كونه ابناً للمولى، ونحن نعلم أنّه لا يرضى بترك إنقاذ ابنه حتّى عند الشكّ، فنكتة التنجّز في ظرف الشكّ هي: العلم بعدم رضا المولى بمخالفة الحكم في ظرف الشكّ على فرض وجوده.

وهذه النكتة تنكشف بمثل قوله: جعلت الظنّ قطعاً، أو جعلته منجّزاً، أو نحو ذلك من الألسنة المناسبة للتعبير بها عن أهميّة الحكم في ظرف الشكّ على تقدير وجوده. فترتّب التنجيز على هذه الألسنة يكون بما لها من جهة الكشف لا بما لها من جهة الإيجاد كما تخيّل.

وإن لم نسلك هذا المسلك، وقلنا ـ كما لعلّه المشهور ـ: إنّ رفع قاعدة قبح العقاب بلابيان لايكون إلّا بالبيان، فعندئذ لابدّ من أن يكون ترتّب التنجيز على لسان الحجّيّة بما له من جهة الإيجاد، وبما أنّه لاشكّ عند أحد في تنجّز الواقع بقيام أمارة شرعيّة عليه لابدّ لأرباب هذا المسلك من دعوى أنّ المراد بالبيان في قاعدة قبح العقاب بلا بيان ما يعمّ البيان الحقيقىّ وبعض هذه الألسنة: من جعل الطريقيّة، أو المنجّزيّة، أو الحكم التكليفىّ، أو نحو ذلك، أو جميع هذه الألسنة. وأمّا لو اقتصر في تفسير موضوع القاعدة على البيان الحقيقىّ، فارتفاع قاعدة قبح العقاب بلا بيان بمجرّد قيام الأمارة على رغم عدم العلم من المحالات. وإذا بني على تعميم البيان، وجعل موضوع القاعدة انتفاء أمرين: البيان الحقيقىّ، وبعض هذه الألسنة، فتعيين بعضها في قبال بعض لا يكون ببرهان فنّىّ، وينسدّ هنا باب البحث، ولا يكون تعيين ذلك إلّا بالوجدان، فربّما يعيّن شخص بوجدانه بعض الألسنة، وشخص آخر لساناً آخر، أو يرى ترتّب التنجيز على جميع هذه الألسنة.

لا يقال: إنّ المتعيّن هو لسان جعل الطريقيّة والبيان تعبّداً؛ لأنّه أنسب لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان؛ فإنّ موضوعها هو البيان، ويناسبه جدّاً جعل البيان والطريقيّة.

فإنّه يقال: ليست كلمة البيان واردة فيما نحن فيه في حديث ـ مثلاً ـ كي يفتّش عمّا يناسبه، ويقال: إنّ المراد بالبيان ما يعمّه، وإنّما القاعدة عقليّة ووجدانيّة بحسب الفرض، فيجب أن يرى أنّ الوجدان هل يقبل بترتّب التنجيز على بعض هذه الألسنة؟ وما هو ذاك