المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

320

يتصرّف في دائرة المماثل (بالفتح)، وهو مقدّم على المماثل (بالكسر).

الصورة الثانية: هي ما كان مورد بحثنا في المقام، وهو تنزيل المظنون منزلة الواقع، وتنزيل شيء آخر منزلة القطع بالواقع. ولا إشكال هنا في أنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع ظاهرىّ؛ لكون موضوعه الشكّ، وقابليّة كونه بنحو يكون بداعي التحفّظ على الواقع، فيجتمع مع الواقع. كما أنّه لا ينبغي الشكّ في أنّ التنزيل الآخر تنزيل واقعىّ؛ إذ إنّ عدم القطع بالواقع معلوم، ولا شكّ في ذلك حتّى يجعل حكم ظاهرىّ بداعي التحفّظ على الواقع.

وعليه نقول: إنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع الذي هو تنزيل ظاهرىّ يجب أن يكون في طول التنزيل الآخر؛ لما مضى: من أنّ التنزيل الظاهرىّ يكون بمعنى جعل حكم ظاهراً مماثل للواقع، والتنزيل الواقعىّ مربوط بتحديد حدود المماثل (بالفتح)، وهو مقدّم على المماثل (بالكسر). ومن هنا يجب أن يكون ما نزّل منزلة القطع بالواقع الحقيقىّ غير القطع بالواقع الجعلىّ، بناءً على أنّ القطع بالحكم لا يمكن أن يكون موضوعاً لنفس ذلك الحكم.

وعلى أىّ حال، فقد اتّضح بما ذكرناه: أنّ الطوليّة المذكورة في التعليقة على الرسائل غير معقولة، كما أنّ لزوم العرضيّة المذكورة في الكفاية غير صحيح. وإنّما الذي ينتج في المقام هو الطوليّة على عكس الطوليّة المذكورة في التعليقة، أي: إنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع هو الذي يكون في طول التنزيل الآخر، لا العكس.

نعم، لو غفلنا عن اختلاف التنزيلين سنخاً في المقام، وتخيّلنا أنّهما معاً ظاهريّان، فالنتيجة بناءً على هذا هو إمكان العرضيّة وإمكان الطوليّة أيضاً: بأن يكون تنزيل المظنون منزلة الواقع في طول التنزيل الآخر، أمّا العكس فغير ممكن؛ إذ لو علّق الحكم الثابت بالتنزيل للمظنون على القطع بالواقع، استحال وصوله إلّا بفرض اجتماع الضدّين؛ إذ الظنّ والقطع ضدّان لا يجتمعان، ولو علّق على شيء آخر لم تتحقّق المماثلة بين الحكم الواقعىّ والحكم الثابت بالتنزيل.

فقد تحصّل: أنّه بعد فرض هذه الغفلة لا تصحّ ـ أيضاً ـ الطوليّة المذكورة في التعليقة، ولا لزوم العرضيّة المذكورة في الكفاية، بل يمكن العرضيّة، ويمكن الطوليّة بعكس الطوليّة المذكورة في التعليقة.