المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

318

حكمين متعدّدين، فلا ضير في فرض الطوليّة بينهما، ثُمّ نتعدّى من هذا المورد إلى مورد ما إذا كان كلّ من الواقع والعلم جزء الموضوع بمثل عدم احتمال الفصل(1).

وأمّا على الثاني وهو دعوى دلالة الاقتضاء، فهي تكون ابتداءً في مورد ما إذا كان كلّ منهما جزء الموضوع، ويتعدّى إلى غيره بعدم الفصل، إلّا أنّنا حتّى لو سلّمنا أنّ المناسب والمستظهر عرفاً هو تنزيل القطع بالواقع التنزيلىّ (لا الظنّ بالواقع الحقيقىّ) منزلة القطع بالواقع الحقيقىّ، فاستحالة ذلك عقلاً تجعلنا ننتقل إلى تنزيل الظنّ بالواقع الحقيقىّ ـ مثلاً ـ منزلة القطع به؛ إشباعاً لدلالة الاقتضاء لا أن نرفع يدنا من أصل دلالة الاقتضاء.

وأمّا أصل تقريب صاحب الكفاية(رحمه الله) لاستفادة التنزيلين المذكور في تعليقته، فأيضاً هو غير صحيح، سواء قصد بذلك دعوى الملازمة العرفيّة، أو قصد دعوى دلالة الاقتضاء.

أمّا إذا قصد دعوى الملازمة العرفيّة؛ فلأنّ فرض فهم العرف للملازمة إنّما ينتهي إلى حجّيّة شرعيّة لو كان بمستوىً أوجب دلالة التزاميّة للكلام، وفيما نحن فيه ليس الأمر كذلك؛ فإنّ العرف لا ينتقل ذهنه من تصوّر تنزيل المظنون منزلة الواقع إلى تصوّر كون القطع بالواقع الجعلىّ منزّلاً منزلة القطع بالواقع الحقيقىّ فضلاً عن أن يفهم ذلك بالدلالة الالتزاميّة من الكلام، ومجرّد افتراض أن لو ألفت شخص نظره إلى ذلك لاعتقد بالملازمة بين التنزيلين، لا يكفي لتماميّة الدلالة الالتزاميّة، ولو شكّ في الظهور العرفىّ والدلالة الالتزاميّة، كفى الشكّ في عدم ترتيب آثار القطع الموضوعىّ على القطع بالواقع الجعلىّ.

وأمّا إذا قصد دعوى دلالة الاقتضاء؛ فلأنّه يكفي لعدم اللغويّة شمول دليل تنزيل المظنون منزلة الواقع لموارد كون الواقع تمام الموضوع، وأمّا إطلاقه لموارد كون الواقع جزء الموضوع، فلايوجب التمسّك بدلالة الاقتضاء؛ لأنّ الإطلاق ـ دائماً ـ مقيّد بقيد لبّيّ كالمتّصل بثبوت الفائدة وعدم اللغويّة، فإثبات تحقّق القيد بنفس الإطلاق تمسّك


(1) ويكمّل هذا التقريب بدعوى أنّنا نتصوّر التنزيلين فيما تعدّينا إليه بشكل غير طولىّ: بأن يكونا عبارة عن تنزيل المظنون منزلة الواقع، وتنزيل الظنّ بالواقع منزلة القطع به مثلاً، لا تنزيل القطع بالواقع التنزيلىّ منزلة القطع بالواقع الحقيقىّ، وإلّا لعاد إشكال الطوليّة. ففائدة الاقتصار أوّلاً على مورد ما إذا كان كلّ منهما موضوعاً مستقلّاً لحكم، ثُمّ التعدّي بعدم الفصل إلى ما إذا كان كلّ منهما جزء الموضوع هي: إنّه لو ادّعي أنّ طرف الملازمة العرفيّة إنّما هو تنزيل القطع بالواقع التنزيلىّ (لا الظنّ بالواقع الحقيقىّ) منزلة القطع بالواقع، لم يضرّنا هذا الادّعاء؛ لأنّنا إنّما استفدنا من هذه الملازمة أوّلاً في حكمين مستقلّين لا ضير في الطوليّة بلحاظهما، ثُمّ تعدّينا إلى غير المورد بعدم الفصل بشكل لم يكن فيه إشكال الطوليّة.