المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

316

ويرد عليه: أنّ هذا التخريج في خصوص ما نحن فيه غير وارد؛ لأنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع إنّما هو حكم ظاهرىّ، فلو فرض حقّاً أنّه إجراء لنفس الحكم التعليقىّ الثابت على الواقع كما هو المفروض إرادته بكلمة التنزيل، قلنا: إنّ الحكم التعليقىّ الثابت على الواقع قبل التنزيل الثاني إنّما هو معلّق على العلم بالواقع، في حين أنّه لا يعقل تعليق حكم المظنون الذي نزّل منزلة الواقع على العلم بالواقع؛ إذ مع العلم به ينتفي أصل التنزيل الأوّل الذي كان حكماً ظاهريّاً.

فلو فرض المحقّق العراقىّ(رحمه الله) أنّ ما هو المعلّق عليه الحكم الذي جعل بالتنزيل الأوّل عبارة عن القطع بالواقع الحقيقىّ، لم يناسب ذلك كون التنزيل الأوّل حكماً ظاهريّاً.

ولو فرض أنّ ما هو المعلّق عليه لذلك الحكم عبارة عن القطع بالواقع الجعلىّ، ورد عليه:

أوّلاً: أنّ هذا خلف فرض التنزيل؛ لأنّ التنزيل عبارة عن إسراء نفس حكم المنزّل عليه إلى المنزّل، وحكم المنزّل عليه هو الحرمة المعلّقة على القطع بالواقع الحقيقىّ.

وثانياً: أنّ هذا خلف لما هو المفروض من الاحتياج بعد التنزيل الأوّل إلى تنزيل جديد؛ إذ بمجرّد العلم بالواقع الجعلىّ يتحقّق ما علّق عليه الحكم، وهو القطع بالواقع الجعلىّ، فيصير الحكم فعليّاً بلا حاجة إلى تنزيل جديد. أو قل: إنّ قوله: (جعلت الحرمة لمظنون الخمريّة على تقدير القطع بالواقع الجعلىّ) يكون في الحقيقة متكفّلاً لكلا التنزيلين.

وثالثاً: أنّه على هذا الوجه يلزم تعليق الحرمة على القطع بتلك الحرمة، والمحقّق العراقىّ(رحمه الله) لايجوّز تعليق الحكم على القطع به.

وجه اللزوم: أنّ المفروض أنّ الحرمة علّقت على القطع بالواقع الجعلىّ، وليس جعل الواقع إلّا عبارة عن التنزيل، وليس التنزيل إلّا عبارة عن إسراء الحكم ـ وهو الحرمة ـ إلى المنزّل عليه، وهذا عبارة عن جعل الحرمة، فلزم كون الحرمة معلّقة على القطع بالحرمة.

ولو فرض المحقّق العراقىّ(رحمه الله) أنّ ما هو المعلّق عليه الحكم المجعول بالتنزيل الأوّل عبارة عن الجامع بين القطع بالواقع الحقيقىّ والقطع بالواقع الجعلىّ، ورد عليه:

أوّلاً: أنّ المعلّق عليه الحكم الواقعىّ قبل التنزيل الأوّل كان هو القطع بالواقع الحقيقيّ،