المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

314

والجواب: أنّ الكشف عن المعاطاتيّة والعقديّة لم يكن شرطاً لفهم سريان الحكم إلى كلّ من العقدىّ والمعاطاتىّ؛ إذ كون الحكم ثابتاً على ذات البيع كاف للسريان إليهما، وعندئذ يقال: إنّ بيان الحكم العامّ بلسان الحكم المطلق الثابت على الجامع أمر عرفىّ. وهذا بخلاف ما نحن فيه؛ فإنّه ما لم يكشف عن الآليّة لم يفهم سريان الحكم من الظنّ إلى المظنون، وما لم يكشف عن الاستقلاليّة لا يفهم ثبوت الحكم لنفس الظنّ، فلابدّ من الكشف عن الآليّة والاستقلاليّة، وقد فرضنا أنّ وظيفة الإطلاق ليست هي الجمع بين الخصوصيّات.

وأمّا الوجه الثاني: فهو إشكال على كلا تقديري الإخبار والإنشاء، وبيانه: أنّ بالإمكان استفادة نتيجة التنزيلين من دون التورّط في الجمع بين اللحاظين؛ وذلك لأنّ قوله: (الظنّ كالقطع) لا يدلّ بالمطابقة إلّا على تنزيل واحد، وهو تنزيل المظنون منزلة الواقع، فليس هناك جمع بين لحاظين، ولكنّنا نستفيد بالدلالة الالتزاميّة أنّ القطع بهذا الواقع التنزيلىّ منزّل منزلة القطع بالواقع الحقيقىّ، وهذا يفيد نتيجة قيام الظنّ بالواقع مقام القطع به؛ فإنّ القطع بالواقع التنزيلىّ ملازم للظنّ بالواقع الحقيقىّ.

أمّا الوجه في هذه الدلالة الالتزاميّة، فالظاهر من عبارته في التعليقة على الرسائل أنّه هو مجرّد دعوى فهم العرف، فالعرف يرى أنّه إذا كان المظنون واقعاً تعبّداً، فالقطع به قطع بالواقع ـ أيضاً ـ تعبّداً، وذلك من قبيل أنّه لو كان ابن زيد بمنزلة ابني، فابن ابنه بمنزلة حفيدي.

إلّا أنّ المنقول عن المحقّق الإصفهانىّ(رحمه الله) الذي هو تلميذ للمحقّق الخراسانىّ(رحمه الله): أنّه فسّر عبارة اُستاذه في الكفاية بتفسير آخر: وهو ثبوت الملازمة بدلالة الاقتضاء، وصون كلام الحكيم من اللغويّة.

توضيح ذلك: أنّ صاحب الكفاية(رحمه الله) فرض الكلام فيما إذا كان القطع جزءاً للموضوع إلى صفّ الواقع، فيقال ـ عندئذ ـ: إنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع من دون تتميم الأمر بتنزيل آخر لغو؛ إذ الواقع لم يكن إلّا جزءاً للموضوع، فلا يترتّب على المظنون أثر الواقع ما لم يحرز الجزء الآخر، فيدلّ ذلك بدلالة الاقتضاء على أنّ الجزء الآخر ـ أيضاً ـ قد نزّل شيء منزلته، والشيء المناسب لذلك هو القطع بالواقع التنزيلىّ، فهذا منزّل منزلة القطع