المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

309

لوازم المعنى المطابقىّ الاستعمالىّ كما في زيد كثير الرماد، أو حكماً لما هو من لوازمه كما في أكرم كثير الرماد، أمّا لو اشترطنا ذلك، فالكناية في المقام في ذاتها غير معقولة؛إذ ليس تنزيل المظنون منزلة المقطوع لازماً لتنزيل الظنّ منزلة القطع، ولا حكماً لما يلزمه، أمّا الأوّل فواضح؛ لعدم أىّ ملازمة بين التنزيلين، وأمّا الثاني فلأنّه إنكان المراد بالمظنون المظنون بالذات ـ وهي الصورة الذهنيّة الملازمة للظنّ ـ فليس هو موضوعاً لهذا التنزيل، وإن كان المراد به المظنون بالعرض وهو الحكم الواقعىّ، فلا تلازم بينه وبين الظنّ.

والمحقّق الإصفهانىّ(رحمه الله) على الرغم من أنّه ذهب إلى اشتراط اللزوم في باب الكناية قال بإمكان الكناية في المقام؛ وذلك بدعوى أنّ المراد بالمظنون هو المظنون بالذات، ولكن لا بما هو، بل بما هو فان في المظنون بالعرض، فاللزوم ثابت؛ لأنّ المظنون بالذات يلازم الظنّ، وفي نفس الوقت لا يرى به إلّا المظنون بالعرض على ما هو شأن الفناء، وهو الحكم المجعول من قبل الشارع.

ويرد عليه: أنّه إن نظرنا إلى ظنّنا نظراً فنائيّاً، قلنا بهذا النظر: إنّه لا تلازم بين المظنون والظنّ؛ إذ لا نرى بهذا الظنّ إلّا المظنون بالعرض الذي هو قابل للانفكاك عن الظنّ، وإن نظرنا إليه بالنظر المستقلّ، لم يكن المظنون حكماً مجعولاً من قبل الشارع.

والصحيح: أنّ أصل ما جعله شرطاً في الكناية من اللزوم ممّا لا وجه له؛ فإنّ الذي يقوّم الكناية ـ وهو الانتقال من المدلول الاستعمالىّ إلى معنى آخر كي يصبح من الصحيح جعله مدلولاً جدّياً للكلام ـ تكفي فيه المناسبة، وهي غير منحصرة في اللزوم، ومن المناسبات نفس الكاشفيّة والمنكشفيّة، إلّا أن تفرض كلمة الكناية اصطلاحاً خاصّاً لفرض اللزوم، وعندئذ يرد عليه:

أنّنا لانحتاج فيما نحن فيه لإثبات المطلوب إلى تلك الكناية، بل نحتاج إلى ما هو أعمّ منها.

وقد يخطر بالبال الإيراد على المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) بمنع عدم إمكان الجمع بينالتنزيلين واللحاظين؛ وذلك ـ على رغم افتراضنا أنّ التنجيز والتعذير غير قابلين للجعل مباشرة ـ باعتبار أنّهما قابلان للجعل بالتبع: بأن يجعل المولى المظنون منزلة المعلوم،