المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

307

الشيخ(رحمه الله)، وصاحب الكفاية جرى هنا على وفق مبنى الشيخ، وسجّل على الشيخ بطلان قيام الأمارات والاُصول مقام كلا قسمي القطع بدليل الحجّيّة، واختار صاحب الكفاية نفس هذا المبنى في بحث الاستصحاب، ولكنّه اختار في بحث الجمع بين الحكم الظاهرىّ والواقعىّ جعل نفس التنجيز والتعذير مباشرة.

الثاني: أنّ عمليّة إقامة الظنّ مقام القطع الموضوعىّ عبارة عن لحاظ الظنّ والقطع مستقلّين وتنزيل نفس الظنّ منزلة نفس القطع؛ إذ الظنّ والقطع ـ عندئذ ـ لم يلحظا مرآة إلى المظنون والمقطوع وكان الحكم الشرعىّ ثابتاً لذات القطع والظنّ.

الثالث: أنّ الجمع بين اللحاظ الآلىّ والاستقلالىّ جمع بين المتضادّين، ولا يمكن ذلك.

إذن لا يمكن أن يكون قوله: الظنّ بمنزلة القطع متكفّلاً لكلا التنزيلين.

بقيت هنا عبارة للمحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) ينبغي شرحها، وهي قوله: «نعم لو كان في البين ما بمفهومه جامع بينهما، يمكن أن يكون دليلاً على التنزيلين، والمفروض أنّه ليس».

ولا ينبغي تفسير هذه العبارة بفرض جامع بين اللحاظ الآلىّ والاستقلالىّ؛ فإنّ المفهوم الجامع بين مفهومي اللحاظ الآلىّ والاستقلالىّ ليس لحاظاً آليّاً ولا استقلاليّاً حتّى يتمّ به كلا التنزيلين، وإنّما هو بنفسه مفهوم يلحظ.

والذي ينبغي أن يفسّر به هذا النصّ هو: أنّه لو كان هناك مفهوم جامع بين العلم والمعلوم، ومفهوم جامع بين الظنّ والمظنون، فنزّل الثاني منزلة الأوّل، تحقّق بذلك كلا التنزيلين. هذا. وما ذكره صاحب الكفاية(رحمه الله): من أنّ الجمع بين التنزيلين يستلزم الجمع بين اللحاظين يكون بظاهره خلطاً بين العنوان والحقيقة أو المفهوم والمصداق؛ ذلك لأنّ الذي ينظر إلى العلم أو الظنّ تارة آليّاً، واُخرى استقلاليّاً إنّما هو نفس العالم والظانّ؛ فإنّ العلم والظنّ ليست لهما مرآتيّة إلّا لنفس العالم والظانّ، فتارة ينظر إلى المعلوم والمظنون من خلال المرآة، فيكون نظره إلى العلم والظنّ آليّاً، واُخرى ينظر إلى نفس العلم والظنّ بالاستقلال.

أمّا الشخص الآخر ـ والمفروض في المقام أنّه هو المولى ـ فهو إنّما يلحظ عنوانالعلم والظنّ ومفهومهما لاواقعهما ومصداقهما، ولحاظه للمفهومين لا محالة يكون مستقلّاً