المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

305

التنجيز بالقطع مثلاً، وأنّه عند عدم القطع تثبت قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فقيام الأمارة والأصل الشرعىّ مقامه يعني التخصيص في حكم العقل، وهو مستحيل. أمّا في المقام فأثر القطع الموضوعىّ قد ثبت بالشرع، وبإمكان الشارع نفسه أن يقيم شيئاً آخر مقامه، كما هو واضح، كما لا إشكال في أنّ بإمكانه إيصال قيام الأمارة والأصل مقام القطع الموضوعىّ بدليل خاصّ.

وإنّما الكلام في المقام يقع في أنّ نفس دليل حجّيّة الأمارة والأصل تعبّداً الذي دلّ على قيامهما مقام القطع الطريقىّ هل يكفي لإثبات قيامهما مقام القطع الموضوعىّ الطريقىّ، أو لا؟(1).

 


(1) ولنستذكر هنا خلاصة عمّا مضى من مبحث تقسيم القطع الموضوعىّ إلى الطريقىّ والصفتىّ، فنقول: قد مضى فيما سبق: أنّ القطع هو عين الطريقيّة والكاشفيّة، ومن هنا وقع الإشكال في كيفيّة تصوير انقسام القطع الموضوعىّ إلى الموضوعىّ بما هو طريق، والموضوعىّ بما هو صفة، وكان لتصوير ذلك طريقان:

الأوّل: افتراض أخذ عنصر زائد على الطريقيّة في الصفتىّ بدلاً من الطريقيّة، أو إضافة إليها، إمّا بدعوى تحليل نفس القطع إلى الطريقيّة وشيء آخر كما عن صاحب الكفاية(رحمه الله)الذي ذكر أنّ القطع من الصفات الحقيقيّة ذات الإضافة، أو بإدخال عنصر غريب عن القطع من ملازمات القطع في الحساب، كسكون النفس واطمئنان الخاطر كما عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

الثاني: افتراض أنّ المقصود بالطريقىّ ما لوحظ فيه الجامع بين الطريق التكوينىّ والطريق التعبّدىّ، فيقابله الصفتىّ، وهو ما لو حظ فيه خصوص الطريقيّة التكوينيّة. ومن هنا يتّضح أنّ الصفتىّ بالتصوير الثاني قد يكون طريقيّاً بالتصوير الأوّل.

وعليه فتارة يقع الكلام في قيام الأمارات والاُصول مقام الموضوعىّ الطريقىّ بالتصوير الثاني.

واُخرى في قيامها مقام الموضوعىّ الطريقىّ بالتصوير الأوّل.

وثالثة في قيامها مقام الموضوعىّ الصفتىّ بمعنى أخذ شيء غريب عن الطريقيّة فيه.

أمّا قيامها مقام الموضوعىّ الطريقىّ بالتصوير الأوّل، أو الصفتىّ بمعنى أخذ شيء غريب عن الطريقيّة فيه، فهما مبحوثان في المتن. وأمّا قيامها مقام الموضوعىّ الطريقىّ بالتصوير الثاني ـ أي: ما إذا لو حظت في الموضوع الطريقيّة بالمعنى الجامع بين الطريق التكوينىّ والطريق الشرعىّ ـ فبقدر ما نؤمن بفرضيّة إرادة الجامع لا تبقى حاجة إلى مزيد بحث في قيامها مقام الموضوعىّ الطريقىّ؛ إذ المفروض من أوّل الأمر أنّ دليل موضوعيّته قد جعل الموضوع هو الجامع بينه وبين الحجّة الشرعيّة، فكلّ ما كان داخلاً في ذاك الجامع فلا محالة يقوم مقام الفرد الأوّل، فإذا كان الموضوع هو جامع التنجيز والتعذير مثلاً، واُخذ القطع في الموضوع بوصفه فرداً من أفراد هذا الجامع، فكيف لا يقوم مقامه الفرد الآخر من الأصل أو الأمارة؟ وإذا كان الموضوع هو جامع الكشف الحجّة ـ مثلاً ـ المتواجد في القطع وفي الأمارة، فلم لا تقوم الأمارة مقامه؟! ولعلّ مقصود الشيخ الأعظم(رحمه الله) من القطع الموضوعىّ الطريقىّ كان هذا المعنى؛ ولذا أرسل قيام الأمارات والاُصول مقامه إرسال المسلّمات، ولم يكلّف نفسه الشريفة البحث عن ذلك والبرهنة عليه. نعم، الظاهر أنّ محطّ بحث الأصحاب