المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

297

ولا يتصوّر فيه أن يكون تمام الموضوع؛ إذ لو كان القطع خطأً، لما كان وصفاً للمقطوع به بالعرض(1).


(1) أقول: لو أنّ المحقّق الخراسانىّ(قدس سره) قصد بإضافة العلم إلى المعلوم ـ حينما قال: إنّ العلم من الصفات الحقيقيّة ذات الإضافة ـ إضافته إلى أحد المعلومين الذاتىّ أو العرضىّ، وقصد بأخذ العلم كوصف للمعلوم المعلوم الآخر من المعلومين، لم يرد عليه الإشكال الأوّل من الإشكالين اللذين ذكرهما اُستاذنا الشهيد على الشقّ الثاني في كلامه.

أمّا ما ذكره في الشقّ الأوّل من كلامه: من أنّ صفتيّة العلم للمعلوم بالذات مأخوذة حتماً في العلم الصفتىّ الذي اُخذ كصفة للعالم، وكذلك العكس، وإلّا لزم ترتّب الحكم على القطع بأىّ شيء أو على حصول القطع لأىّ شخص، فقد ينقض عليه بأنّه على هذا يبطل أصل تقسيم القطع الموضوعىّ إلى الصفتىّ والطريقىّ؛ إذ حتّى في الطريقىّ لابدّ أن تلحظ صفتيّته للقاطع والمقطوع به، وإلّا لزم ترتّب الحكم على حصول القطع بأىّ شيء لأىّ شخص.

فإن أجيب عن ذلك بأنّ في الصفتيّة عنصراً آخر غير عنصر الكشف لهذا أو الكشف عن هذا، ويكفي في تخصيص الطريقىّ بشخص القاطع وخصوص المقطوع به أخذه بما هو كشف لهذا أو كشف عن ذاك.

قلنا: هذا بنفسه قد يدفع الإشكال عن المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) ؛ إذ بإمكانه أن يفرض أخذ خصوصيّة الكشف لهذا القاطع في القطع الصفتىّ الذي اُخذ كصفة للمقطوع به، أو أخذ خصوصيّة الكشف عن هذا المقطوع في القطع الصفتيّ الذي اُخذ كصفة للقاطع؛ كي لا يلزم ترتّب الحكم على القطع بكلّ شيء أو على قطع كلّ إنسان، وفي نفس الوقت لاتتداخل الأقسام.

والواقع: أنّ امتياز الصفتيّة من الطريقيّة لابدّ أن يكون بأحد اُسلوبين: إمّا بافتراض وجود عنصر غريب عن الكاشفيّة في الصفتىّ، أو بافتراض كون المقصود بالكشف في الطريقىّ الجامع بين الكشف الوجدانىّ والكشف التعبّدىّ.

فإن فرض الأوّل، فنحن لا نتصوّر معنىً للصفتيّة بلحاظ المعلوم؛ فإنّ الصفتيّة بلحاظ العالم إنّما تتصوّر لوجود عنصر غريب عن الكشف إمّا هو إحدى ملازمات القطع كسكون النفس، أو هو النسبة الظرفيّة. وهذان هما الوجهان اللذان اختارهما اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) كما مضى. أمّا بلحاظ المعلوم فهو لم يتّصف بأىّ صفة عدا نفس الانكشاف.

وإن فرض الثاني، فهذا النوع من التقسيم إلى الصفتيّة والطريقيّة لا يتلاءم مع تقسيم الصفتيّة بعد ذلك إلى كونها صفة للعالم أو صفة للمعلوم؛ لأنّه لم يقصد بالصفتىّ إلّا ذاك القطع الذي لوحظ فيه خصوص الكشف الخاصّ لا الجامع بين الكشفين.

والواقع: أنّ الهدف من هذا التقسيم كما عرفت كان هو دعوى أقربيّة دليل حجّيّة الأمارة والأصل إلى إثبات قيامها مقام الطريقىّ منه مقام الصفتىّ. والنكتة في ذلك: كون الطريقىّ ملحوظاً في الموضوع بما هو كاشف، والأمارة والأصل كاشفان أيضاً، والصفتىّ ملحوظاً بما هو للعلم من خصوصيّة مفقودة في الأمارة. وقد عبّر الشيخ الأعظم عن هذا بتعبير: أنّه صفة للقاطع، ولا أظنّ أنّه كان هناك نظر إلى خصوصيّة العالم في مقابل المعلوم حتّى يقال إنّه: (وقد يلحظ فيه كونه صفة للمعلوم). فالحقيقة: أنّ تقسيم الصفتىّ إلى كونه صفة للعالم أو للمعلوم ليس إلّا ترفاً في البحث العلمىّ، وإنّما أصل المقصود كان هو أنّ العلم تارة يكون موضوعاً بخصوصه بحيث لا تقوم الأمارة أو الأصل مقامه، واُخرى يكون موضوعاً بما له من الكشف، فيقومان مقامه.