المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

295

ليس داخلاً في هويّة العلم؛ ولذا نرى انفكاكه عنه في علم الله تعالى؛ لأنّ علمه ليس انكشافاً لذاته، وإنّما هو عين ذاته. والظاهر من دليل أخذ العلم موضوعاً هو موضوعيّته بعنوان كونه له وفيه معاً لا بعنوان كونه فيه فقط(1).

 


(1) أقول: من الملحوظ أنّه (رضوان الله عليه) قام في هذا الوجه بتكلّف تسمية العلم الذي جمع فيه بين جانب الصفتيّة وجانب الطريقيّة بالموضوعىّ الطريقىّ، في حين أنّه في التصوير الأوّل لم يفعل ذلك، بل فرض ما جمع فيه لحاظ الجانبين داخلاً في الصفتىّ، هذا لا لشيء إلّا لكي يصحّ القول: إنّ ظاهر دليل موضوعيّة العلم هو الطريقيّة لا الصفتيّة؛ إذ إنّه(رحمه الله)فرض أنّ ظاهر دليل موضوعيّة العلم هو موضوعيّته بوصفه للنفس وفي النفس، فاضطرّ إلى تسمية ما لوحظ فيه كلا الجانبين بالطريقىّ؛ كي يصحّ القول: إنّ ظاهر دليل موضوعيّة العلم هو الموضوعىّ الطريقىّ، في حين أنّه في التصوير السابق ليس ظاهر دليل موضوعيّة العلم دخل ملازماته في الموضوع؛ ولذا جعل فرض الجمع بين لحاظ جانب الانكشاف ولحاظ الملازمات داخلاً في الصفتىّ.

والواقع: أنّ أصل فكرة تقسيم العلم الموضوعىّ إلى الصفتىّ والطريقىّ نشأت من مسألة أنّ دليل جعل الحجج الشرعيّة كواشف ـ مثلاً ـ يكون أوفى بقيامها مقام الموضوعىّ الطريقىّ ـ لأنّه لو حظ فيه الكشف فحسب ـ من قيامها مقام الصفتىّ؛ لأنّه دخل فيه عنصر غريب عن الكشف من دون فرق في ذلك بين دخل عنصر الكشف ـ أيضاً ـ وعدمه، إذن فكان الأولى به (رضوان الله عليه) أن يبقي العلم الذي لوحظ فيه كلا الجانبين داخلاً في الصفتيّة، وينكر على هذا التصوير ظهور دليل موضوعيّة العلم في الطريقيّة، ويدّعي ظهوره في الصفتيّة.

على أنّنا لو سلّمنا ظهور دليل موضوعيّة العلم في النظر إلى كلا الجانبين الكشفىّ والصفتىّ، وسمّينا ذلك بالعلم الموضوعىّ الطريقىّ، فقدنا أصل الدافع إلى البحث عن هذا التقسيم؛ فإنّ دليل حجّيّة الأمارات ـ مثلاً ـ لن يكون أقرب إلى إقامة الأمارة مقام العلم الموضوعىّ الطريقىّ منه إلى إقامتها مقام الصفتىّ؛ إذ لو كان ذلك الدليل قد أعطى الأمارة جانب الكشف فحسب، إذن لا تقوم مقام العلم الموضوعىّ الطريقىّ الذي استظهرنا دخل كلا الجانبين فيه. ولو كان قد أعطاها كلا الجانبين، إذن كان وضوح قيام الأمارة مقام الصفتىّ المحض بمستوى وضوح قيامها مقام الموضوعىّ الطريقىّ.

هذا. وهناك وجه آخر لتقسيم العلم الموضوعىّ إلى الطريقىّ والصفتىّ يمكن بيانه على مذاق من يرى أنّ الأمارة أو الأصل طريق وكشف بمعنىً من المعاني؛ ولهذا يفترضه قائماً مقام الموضوعىّ الطريقىّ، ويناقش في إطلاق قيامه مقام العلم مطلقاً حتّى الصفتىّ.

وذلك بأن يقال ـ بعد أن افترضنا أنّ الأمارة أو الأصل داخل في مصاديق الكشف: إمّا بتوسيع في معنى الكشف كما لو قصدنا به مطلق الحجّيّة مثلاً، أو بدعوى الحكومة في جانب دليل الأمارة أو الأصل بجعله منزّلاً منزلة الكشف، أو بجعله فرداً تعبّديّاً للكشف ـ: لا إشكال في أنّ هذا الفرد مصداق آخر للكشف غير العلم، فالعلم مصداق حقيقىّ بطبعه، وهذا مصداق تنزيلىّ أو تعبّدىّ أو حقيقىّ بواسطة التعبّد. وعليه، فإذا جعل العلم موضوعاً لحكم، فتارة يجعل موضوعاً له بما له من الكاشفيّة بالمعنى الجامع بين القسمين الحقيقىّ والتعبّدىّ، فيستظهر ـ حينئذ ـ قيام الفرد التعبّدىّ مقام الفرد الحقيقىّ؛ لاشتماله على نفس الجامع، واُخرى يجعل موضوعاً له لا بلحاظ الجامع بين الكاشفين، بل بلحاظ هذه الصفة بالخصوص، أي: هذا الفرد من الكاشف الذي له