المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

293

يجب أن يكون ـ دائماً ـ جزء الموضوع، أي: إنّ الواقع ـ أيضاً ـ دخيل في الحكم في موارد العلم الموضوعىّ الطريقىّ دائماً، في حين لا يقول بذلك صاحب الكفاية(رحمه الله). على أنّ لازم هذا البيان كون ظاهر دليل موضوعيّة العلم ـ لولا القرينة ـ هو الصفتيّة؛ لأنّ الطريقيّة تعني رفع اليد عن إطلاق الدليل لصورة الخطأ، إذن فمقتضى الإطلاق هو حمله على الصفتيّة الثابتة في كلا قسمي العلم، على عكس ما ذكره الشيخ الأعظم وصاحب الكفاية في تعليقته على الرسائل: من أنّ مقتضى الظهور الأوّليّ لدليل موضوعيّة العلم هو الطريقيّة(1).

هذا. ولنا وجهان في تصوير تقسيم القطع الموضوعىّ إلى الصفتىّ والطريقىّ مع التحفّظ على انقسام كلّ منهما إلى كونه جزء الموضوع وتمامه: الأوّل منهما عرفىّ، والثاني بحاجة إلى تدقيق عقلىّ:

أمّا التصوير العرفىّ فهو: أن يقال: صحيح أنّ العلم بنفسه انكشاف، ولكن له ملازمات


(1) أقول: لم أر في تعليقة المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) ما يدلّ على دعوى ظهور دليل الموضوعيّة في الطريقيّة، كما لم أر في الرسائل ما يدلّ على ذلك، عدا أنّه ذكر(رحمه الله) في فرض موضوعيّة الظنّ أنّ الغالب في الظنّ الموضوعىّ كونه موضوعاً بما له من الكشف لا بما هو صفة. فلعلّه(رحمه الله)ينظر إلى هذه العبارة في دعوى ذهاب الشيخ إلى أنّ ظاهر دليل الموضوعيّة هو الكاشفيّة، ولعلّه ينظر فيما نسبه إلى تعليقة المحقّق الخراسانيّ إلى إمضاء التعليقة لهذه العبارة بعدم التعليق عليها.

وعلى أىّ حال، فقد يقال بإمكان دفع كلا إشكاليه(رحمه الله) في الجملة: بأن يفترض أنّ المقصود بالإضافة هي إضافة العلم إلى المعلوم بالذات؛ إذ نقول ـ حينئذ ـ: إنّ الإشكال إنّما يتّجه لو أردنا تقسيم العلم الموضوعىّ إلى الصفتىّ والطريقىّ عن طريق افتراض أنّه تارة يؤخذ في الموضوع جانب الطريقيّة، واُخرى يغضّ النظر عن ذلك، فيقال ـ مثلاً ـ: إنّ الطريقيّة التي هي عبارة عن الإضافة الإشراقيّة ليست شيئاً إضافيّاً إلى العلم كي يمكن غضّ النظر عنها. ولكن هناك اُسلوب آخر لصاحب الكفاية للتقسيم كما مضى: وهو أن نفترض أنّ جانب الطريقيّة والإضافة الإشراقيّة دائماً ملحوظ، لكن تارة نلحظ مع ذلك جانب تأصّله في نفسه وإضافته إلى النفس إضافة اللون إلى الجسم والعرض إلى المحلّ، وبهذا يكون صفة خاصّة من الصفات لا وجه لقيام الحجج الشرعيّة مقامه، ولو في خصوص غير ما لو كانت تلك الحجّة صفة خاصّة للنفس ـ أيضاً ـ كالظنّ، واُخرى نقصر النظر إلى حيثيّة الإضافة الإشراقيّة، وهذا هو الصفتىّ الطريقىّ.

ويرد عليه سنخ ما مضى: من أنّ كون العلم صفة متأصّلة في النفس ـ أيضاً ـ عبارة اُخرى عن انكشاف المعلوم لدى النفس. وليست التجزئة إلى جانب الإضافة وجانب كونه صفة حقيقيّة للنفس عدا تحليل عقلىّ لنفس الانكشاف، فيعود القول: إنّ العلم ليس عدا محض الانكشاف، فلا معنىً لأخذه تارة بلحاظ الكشف، واُخرى بلحاظ الانكشاف.