المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

291

تقسيم القطع الموضوعىّ إلى الطريقىّ والصفتىّ (1).

وذلك بأن يقال: إنّ العلم ـ كما اشتهر عند الفلاسفة ـ نور في نفسه، ونور لغيره، فالعلم له جنبتان نوريّتان: نوريّة ذاتيّة، ونوريّة لغيره. فتارة يؤخذ موضوعاً بلحاظ نوريّته الاُولى، واُخرى بلحاظ نوريّته الثانية. فالأوّل هو الموضوعىّ الصفتىّ، والثاني هو الموضوعىّ الطريقىّ.

ويرد على هذا البيان: أنّ مقصود الفلاسفة من كون العلم نوراً في نفسه: كونه نفس النور، أي: الظهور.

وبتعبير آخر حضور باقي الأشياء في النفس ليس بذاتها، بل بواسطة العلم بها الموجد لصورتها في النفس، في حين أنّ العلم لا يحتاج حضوره في النفس إلى تعلّق العلم به؛ لأنّه بنفسه من موجودات عالم النفس المجرّدة كالحبّ والبغض والإرادة وغير ذلك.

وعليه نقول: لو اُخذ العلم موضوعاً للحكم بما هو فرد لطبيعىّ الحاضر في النفس ومن هذه الحيثيّة ـ وغُضَّ النظر عن خصوصيّة كاشفيّته لغيره ـ فما أكثر الاُمور الحاضرة للنفس كالحبّ والبغض وغيرهما، فيكون الموضوع في الحقيقة مطلق ما هو الحاضر في النفس ومن موجودات عالم النفس المجرّدة، وهذا خلاف الفرض. ولو اُخذ العلم موضوعاً بلحاظ نوريّته لغيره وكاشفيّته، فهذا هو القطع الموضوعىّ الطريقىّ، ولم نتعقّل قسمين للقطع الموضوعىّ(2). هذا هو تعليقنا على الصياغة الثانية.

 


(1) وإن كان ظاهر عبارته(قدس سره) أنّه يقصد بالتعبير الثاني التوضيح والتأكيد لنفس ما ذكره في صدر الكلام، فكأنّه يقول: إنّ العلم بنفسه نور متأصّل في النفس، وله إضافة إلى المعلوم باعتباره نوراً لغيره.

(2) جاء في ذيل عبارة الكفاية قوله: «صحّ أن يؤخذ فيه بما هو صفة خاصّة وحالة مخصوصة بإلغاء جهة كشفه، أو اعتبار خصوصيّة اُخرى فيه معها». وهذا يعني: أنّ صفتيّة القطع الموضوعىّ تتصوّر في نظر صاحب الكفاية باُسلوبين:

أحدهما: إلغاء جهة الكشف، والاقتصار على الجانب الآخر الموجود في القطع.

وهذا يرد عليه إشكال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): من أنّه لو اقتصر على الجانب الآخر وهو نوريّته لنفسه ـ وهي بمعنى كونه من موجودات عالم النفس المجرّدة الحاضرة بذاتها لدى النفس ـ لزم ترتّب الحكم على مثل الحبّ والبغض أيضاً، وهذا خلف.