المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

239

الفرض الثالث: فرض حرمة المعلوم إضافة إلى حرمة الواقع، وكان إشكاله لزوم اجتماع المثلين، وتوضيح ذلك: أنّه لو وجد حكمان ليست لكلّ منهما جهة افتراق، كما لو تساويا، أو كان بينهما عموم مطلق، فإمّا أن يفرض التأكّد في تمام موارد الاجتماع، وهذا عين اتّحاد الحكم وعدم تعدّده، أو لا يفرض التأكّد، وهذا يعني اجتماع المثلين وهو محال، أمّا لو كان بينهما عموم من وجه، فيلتزم في مادّة الاجتماع بالتأكّد، وتكفي في تعدّد الحكم موارد الافتراق من الجانبين، والنسبة بين الحكمين فيما نحن فيه في نظر القاطع عموم مطلق.

وأجاب السيّد الاُستاذ عن ذلك بوجهين:

الأوّل: أنّه يمكن فرض عدم وصول حرمة الخمر الواقعىّ إلى المكلّف أحياناً مع وصول حرمة معلوم الخمريّة إليه.

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّ هذا الفرض غير رافع للإشكال؛ إذ تبقى شبهة اجتماع المثلين في نظر من وصل إليه الحكمان، إلّا أن يلتزم بأنّ الحكم الثاني مخصوص بمن لم يصل إليه الحكم الأوّل، فمن يكون عالماً بحرمة شرب الخمر، لم يحرم عليه شرب معلوم الخمريّة، ومن يكون جاهلاً بذلك، فهو أسوأ حالاً من العالم؛ وذلك بحرمة شرب معلوم الخمريّة عليه، وهذا غير محتمل.

وثانياً: أنّ هذا الفرض غير ممكن؛ إذ المفروض أنّ حرمة شرب معلوم الخمريّة ناشئة من القبح الناشئ من وصول الحكم الواقعىّ وتنجّزه، ومع عدم وصول الحكم الواقعىّ وتنجّزه لايقبح شرب معلوم الخمريّة، وبالتالي لا تثبت الحرمة.

الثاني: أنّه لا مانع من تعدّد الحكم على نحو العموم المطلق، كما وقع ذلك في مثل تعلّق النذر بالصلاة الواجبة.

ويرد عليه: أنّ هذا التشبيه في غير محلّه؛ إذ الموجود في هذا المثال حكمان: أحدهما وجوب الصلاة، والثاني وجوب الوفاء بالنذر، والنسبة بينهما عموم من وجه؛ فإنّ الصلاة قد تكون منذورة، وربّما لا تكون منذورة، كما أنّ المنذور قد يكون هو الصلاة، وقد يكون غيرها. فهذان الجوابان لا يمكن المساعدة عليهما.