المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

237

وأمّا الفرض الثالث: وهو حرمة شرب معلوم الخمريّة، فالنسبة بين هذا الخطاب والخطاب الأوّلىّ في نظر القاطع عموم مطلق؛ لأنّ النسبة بين شرب الخمر الواقعىّ وشرب معلوم الخمريّة في الواقع عموم من وجه، ولكن القاطع يرى ـ دائماً ـ ما علم بخمريّته خمراً واقعاً؛ إذ لا يحتمل خطأ نفسه، وبالتالي يرى أنّ الخمر الواقعىّ أعمّ مطلقاً من معلوم الخمريّة، فيرى النسبة بين الخطابين عموماً مطلقاً، وإذا كانت النسبة بين الخطابين عموماً مطلقاً، لزم اجتماع المثلين على الخاصّ، وكلّ خطابين يجب أن يكونا متباينين أو عامّين من وجه؛ كي يصحّ تعدّد الحكم بلحاظ مادّتي الافتراق، ويلتزم بالتأكّد في مورد الاجتماع، أمّا إذا كان بينهما عموم مطلق، لم يتمّ تعدّد الحكمين، ولزم اجتماع المثلين في مورد الخاصّ، فإذا كانت النسبة في نظر القاطع العموم المطلق، لزم في نظره اجتماع المثلين، وهو لا يصدّق بذلك؛ لأنّه في نظره تصديق بالمحال، وجعل الحكم المستحيل في نظر المكلّف لغو.

أقول: إنّ كلّاً من الفروض التي ذكرها سالم ممّا أورده عليه من الإشكال، وتوضيح ذلك مايلي:

الفرض الأوّل: فرض شمول الخطاب الأوّليّ للفعل المتجرّى به، وفرقه عمّا مضى في الدليل الأوّل من فرض إطلاق الخطابات الأوّليّة للفعل المتجرّى به: أنّ المقصود هناك كان عبارة عن فرض الخطاب الأوّليّ متعلّقاً بالمعلوم لا بالواقع، فالخمر الواقعيّ الذي لم يعلم به ليس حراماً، وإنّما الحرام ما علم كونه خمراً، في حين أنّ المقصود هنا فرض الخطاب الأوّليّ شاملاً للواقع وللفعل المتجرّى به. وكان إشكال المحقّق النائينىّ(رحمه الله) على ذلك: أنّه يلزم أخذ المتأخّر والمتقدّم في عرض واحد.

وجوابه: أنّنا لو ناقشنا في أصل تصوير جامع بين الواقع والفعل المتجرّى به، كان هذا إشكالاً آخر لا يعود إلى لزوم أخذ المتأخّر في عرض المتقدّم بصلة، أمّا إذا سلّمنا بوجود الجامع بينهما، ففرض تعلّق الخطاب بالجامع لايرد عليه إشكال أخذ المتأخّر في عرض المتقدّم؛ لأنّ هذا الخطاب منحلّ إلى جعلين عرضيّين، أحدهما: جعل تحريم الخمر الواقعىّ، والثاني: جعل تحريم الفعل المتجرّى به، وليس الجعلان طوليّين، غاية ما هناك أنّ الجعل الأوّل يحقّق موضوع الجعل الثاني. وإذا أردنا أن نتكلّم جرياً على لغة