المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

232

العلم محرّكاً بل كان المحرّك هو الواقع، لزم من ذلك كون تحرّك المتجرّي تحرّكاً بلا محرّك؛ لأنّه حينما شرب المائع بتخيّل كونه خمراً قلنا: ما الذي حرّكه نحو شرب هذا المائع، هل هو خمريّته واقعاً، أو علمه بكونه خمراً؟ أمّا الثاني فهو خلف كون المحرّك هو الواقع لا العلم، وأمّا الأوّل فغير معقول؛ لأنّ المفروض عدم خمريّته واقعاً، فهل تحرّك هذا المتجرّي بلا محرّك؟!

نعم، بالإمكان التعبير بأنّ المحرّك هو المعلوم، على أن يقصد به المعلوم في أفق النفس الذي هو عين وجود العلم، أمّا وجوده في أفق الواقع، فلايعقل أن يكون محرّكاً.

وكون العلم دخيلاً في الموضوع على وجه الكاشفيّة لا يستدعي دخل المعلوم في الموضوع على نحو الجزئيّة فضلاً عن الاستقلال؛ لما سيأتي ـ إن شاء الله ـ من أنّ القطع المأخوذ على وجه الكاشفيّة قد يكون تمام الموضوع.

وإن أراد به المحرّك المولوىّ، فكون المحرّك المولوىّ هو العلم أو الواقع مرتبط بالمقام الثاني الذي سنبحث فيه عن قبح الفعل المتجرّى به وعدمه، ولا علاقة له بما نحن فيه فعلاً.

وأمّا المقدّمة الثالثة: فلأنّه لا أثر في المقام لكون الاختيار بالنحو الذي بيّنه مأخوذاً بالمعنى الاسمىّ أو الحرفىّ؛ فإنّه بعد أن فرضنا أنّ متعلّق الاختيار هو شرب ما اُحرز أنّه خمر، لا شرب واقع الخمر، كان هذا كافياً لمدّعى الإطلاق وشمول الخطاب للمعلوم بالعلم المخالف للواقع، ولو فرض الاختيار مأخوذاً بالمعنى الحرفىّ، وأنّ الحكم تعلّق بنفس المختار، فإن نفس المختار ـ بحسب الفرض ـ هو شرب ما اُحرز أنّه خمر، وهذا ثابت في فرض التجرّي.

نعم، لو جعل متعلّق الاختيار نفس شرب الخمر، أمكن دعوى الفرق بين فرض أخذ الاختيار بالمعنى الاسمىّ أو بالمعنى الحرفىّ، بأن يراد بأخذه بالمعنى الاسمىّ أخذ اختيار شرب الخمر بالمعنى الثابت في فرض الخطأ أيضاً، مع أنّ نفس شرب الخمر غير ثابت في فرض الخطأ، ويراد بأخذه بالمعنى الحرفىّ أخذه بالمعنى الذي يدور مدار واقع