المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

231

فلامحيص عن دخل المعلوم.

وثانياً: بأنّنا بعد التسليم نقول: إنّ العلم هو الداعي لإرادة ذاك الواقع والحركة نحوه، ولايتقيّد متعلّقها به.

المقدّمة الثالثة: أنّ حكم المولى يكون لأجل تحريك العبد نحو الاختيار والإرادة، فهو في الحقيقة متعلّق بالاختيار بالمعنى الاسمىّ.

والمتحصّل من هذه المقدّمات: أنّ الحكم في مثل (لا تشرب الخمر) متعلّق باختيار شرب ما اُحرز أنّه خمر، وهو ثابت عند التجرّي.

وأجاب عن هذه المقدّمة: بأنّ الاختيار ليس مأخوذاً بالمعنى الاسميّ: بأن يكون بنفسه ومن حيث هو متعلّقاً للتكليف، بل هو مأخوذ بالمعنى الحرفىّ وطريقاً إلى المختار، فمتعلّق الحكم هو الواقع المختار لا نفس الاختيار.

أقول: إنّ المقدمة الاُولى: أجنبيّة عن المقام إطلاقاً (1)، وأمّا المقدّمة الثانية وكذا الثالثة، فقد اُ لّفتا بشكل غير منتج للمطلوب:

أمّا المقدّمة الثانية: فإنّ المدّعى إنّما هو تعميم متعلّق الحكم لمعلوم الخمريّة، ولا يؤثّر في ذلك كون المحرّك هو واقع الحكم أو العلم به. وكأنّه(رحمه الله) جعل كون الحكم متعلّقاً بالخمر الواقعىّ مفروغاً منه، وتكلّم في أنّ المحرّك هل هو نفس الحكم أو العلم به، وهذا ـ كما ترى ـ نقض لغرض مدّعي الإطلاق(2).

وأمّا ما ذكره من دعوى أنّ المحرّك هو الواقع لا العلم به، فإن أراد به المحرّك التكوينىّ، فمن الواضح: أنّ الواقع لا يصلح للتحريك بهذا المعنى، وإنّما المحرّك هو العلم، ولو لم يكن


(1) وهذه المقدّمة غير موجودة في تقرير الشيخ الكاظمىّ رضوان الله عليه، إلّا ببيان سيأتي إن شاء الله.

(2) هذا التعليق من اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) إنّما جاء نظراً إلى ما في أجود التقريرات في مقام بيان وجه دخل المقدّمة الثانية في المطلوب؛ إذ إنّ تعبير أجود التقريرات في المقام يوحي إلى أنّ النظر ـ فيما ذكر في المقدّمة الثانية: من كون المحرّك هو العلم لا الواقع ـ إلى الحكم، فكأنّ البحث يدور في أنّ المحرّك نحو الامتثال هو الحكم بوجوده الواقعيّ، أو العلم به، إلّا أنّ الظاهر أنّ هذا تشويش في البحث، وتقرير الشيخ الكاظمىّ(رحمه الله) خال عن هذا التشويش، وواضح في أنّ النظر إلى مسألة شرب الخمر، وأنّ المحرّك للخمّار هل هو واقع الخمر، أو العلم بالخمريّة.