المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

230

شرب معلوم الخمريّة لا تحريم شرب الخمر الواقعىّ. وهذا الوجه مختصّ بالشبهات الموضوعيّة؛ لوضوح عدم الإطلاق في الشبهات الحكميّة.

وأحسن ما يمكن أن يقال في تقريب هذا الوجه وأخصره: أنّ مثل قوله: «لاتشرب الخمر» ظاهره ابتداءً حرمة شرب الخمر الواقعىّ؛ إذ (الخمر) موضوع لغة للخمر بوجوده الواقعىّ لا لما هو معلوم الخمريّة، لكن هناك قرينة عقليّة دلّت على كون المراد حرمة شرب معلوم الخمريّة، وهي: إنّ عنوان شرب الخمر الواقعىّ لا يمكن أن يكون متعلّقاً للتكليف؛ لانطوائه على عنوان المصادفة للواقع، أي: إنّ هذا العنوان من نتيجة قضيّة: (أنّ هذا الشرب شرب للخمر واقعاً)، والمصادفة خارجة عن تحت القدرة؛ لخروج الخطأ عنها، وإلّا لما أخطأ أحد، وما يكون منطوياً على أمر خارج عن تحت القدرة لا يمكن أن يتعلّق به الحكم؛ لأنّ الحكم به لا يخلو عن شوب التكليف بغير المقدور، فلابدّ من صرف الحكم إلى عنوان آخر لاينطوي على المصادفة، وهو عنوان شرب معلوم الخمريّة.

وللمحقّق النائينىّ(قدس سره) كلام طويل في بيان دليل شمول إطلاقات الأدلّة الأوّليّة للفعل المتجرّى به، وهو على ما في أجود التقريرات عبارة عن مقدّمات ثلاث، ونحن نذكرها هنا بتلخيص:

المقدّمة الاُولى: أنّ موضوعات الأحكام لابدّ أن تكون مفروضة الوجود خارجاً في الرتبة السابقة؛ كي يحكم عليها بحكم.

المقدّمة الثانية: أنّ المحرّك للمكلّف نحو الاختيار والإرادة هو العلم لا الواقع.

وذكر(قدس سره) في وجه دخل هذه المقدّمة في المطلوب: أنّه لو كان المحرّك هو الواقع، ففي فرض التجرّي لا يوجد محرّك في الحقيقة؛ لعدم الواقع، ولكن بما أنّ المحرّك هو العلم كان المحرّك موجوداً لوجود العلم.

وأجاب عن هذه المقدّمة:

أوّلاً: بمنع كون العلم هو المحرّك، بل المحرّك هو الواقع بعد انكشافه بالعلم؛ لأنّ العلم إنّما يكون دخيلاً في موضوع المحرّكيّة والاختيار بما هو كاشف لابما هو صفة،