المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

223

ولكن مع ذلك لايتمّ النقض على حجّيّة العلم؛ لا لما ذكره السيّد الاُستاذ: من أنّ التحالف يوجب الانفساخ ؛ فإنّك عرفت في الفرع الثاني أنّ وجوه اقتضاء التحالف للانفساخ مطلقاً غير صحيحة. والوجه الخاصّ الذي ذكرناه في الوجه الثاني لايأتي هنا؛ إذ هناك كنّا نعلم إجمالاً بأنّ أحدهما ذوخيار، وكنّا نعلم بفسخ من له الخيار، فبالتالي كنّا نعلم بحصول الانفساخ، في حين أنّه في هذا الفرع لا نعلم بثبوت الخيار إلّا على تقدير واحد، وهو كون العقد الواقع بيعاً، فلايمكن الحكم بثبوت الانفساخ، بل لأنّه بعد التحالف إن فرض عدم فسخ الأوّل، فالكتاب يعطى للثاني؛ للقطع بكونه ملكاً له، فلا إشكال، وإن فرض فسخه إمّا صريحاً وإمّا بدلالة نفس هذه المرافعة والتحالف على عدم رضاه بالمعاملة إن لم يثبت مقصوده(1)، فالكتاب يعطى للأوّل، ولاعلم بعدم مالكيّته بعد الفسخ، فلا إشكال أيضاً.

وأمّا على الفرض الثاني ـ وهو كون الميزان في تشخيص المنكر والمدّعي مطابقة الإلزامات للأصل ومخالفتها له بلا نظر إلى مصبّ الدعوى ـ فنقول: إنّ هناك إلزامات ثلاثة:

1 ـ إلزام الأوّل للثاني بالثمن.

2 ـ إلزام الأوّل للثاني عند منع الثمن بحقّ الخيار.

3 ـ إلزام الثاني للأوّل بعدم الخيار، وبقاء الملكيّة بعد الفسخ. وأمّا أصل مالكيّة الثاني للكتاب، فليس إلزاماً رابعاً في المقام؛ لأنّ المفروض تسالمهما عليه.

أمّا الإلزام الأوّل، فلا إشكال في أنّ المنكر فيه هو الثاني؛ لأنّ مقتضى الأصل عدم اشتغال ذمّته بالثمن، فيحلف على ذلك، ولايعطي الثمن.

وأمّا الإلزامان الأخيران، فهما متناقضان، وأىّ منهما كان على طبق الأصل فالأخر على خلافه، وكون المطابق للأصل هو الأوّل أو الثاني متفرّع على كون شرط الخيار(2)إنشاءً مستقلّاً والتزاماً في الالتزام، أو كونه تقييداً لإنشاء الملكيّة ورجوع الأمر إلى إنشاء ملكيّة ما قبل الفسخ فحسب. فعلى الثاني يكون قول الأوّل هو المطابق للأصل، فيحلف على عدم إنشاء ملكيّة ما بعد الفسخ، وحينئذ له أن يفسخ، وله أن لايفسخ.


(1) هذا البيان كما لم يكن وجيهاً في الفرع الثاني كما شرحناه، كذلك لايكون وجيهاً هنا. نعم، يمكن أن نقول بما أشرنا إليه هناك أيضاً: من ظهور الحال في عدم رضاه بالبيع مع المنع الشرعىّ عن استلام الثمن.

(2) مضى أنّه لايوجد فيما نحن فيه شرط الخيار، وإنّما الموجود هو خيار تخلّف الشرط.