المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

222

وثانيهما: وضع اليد على مال الغير بلا معاوضة مع اجتماع شرائط اُخرى. وهذا هو المسمّى بضمان اليد، ويكون الضمان فيه بالمثل أو القيمة. ودليل الضمان فيه هو السيرة العقلائيّة، أو رواية: «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» مثلاً لو تمّت.

وننتزع من مجموع هذين الموضوعين عنوان اليد على مال الغير بلا تسليط مجّانىّ. وإنّما الموضوع الحقيقىّ ما عرفته من الأمرين. والأمر الثاني منهما فيما نحن فيه مقطوع العدم، والأمر الأوّل منهما ينطبق ـ فيما نحن فيه ـ على البيع، وهو مصبّ الخصومة. وأمّا الهبة، فليس حولها عدا صرف التكاذب، والموافق قوله للأصل هو منكر البيع، وهو المالك الثاني، فيحلف ويأخذ الكتاب. ولايبقى موضوع للنقض على حجّيّة العلم؛ إذ لم يقع الكتاب في يد من يعلم بعدم مالكيّته، وهو الأوّل.

هذا كلّه بناءً على المبنى المشهور في باب شرط الخيار: من كونه عبارة عن إنشاء مستقلّ، والتزام في الالتزام.

أمّا بناءً على أنّ شرط الخيار ليس إنشاءً مستقلّاً، بل هو تقييد للإنشاء الأوّل، وهو إنشاء الملكيّة، وهو يعني: أنّه أنشأ ملكيّة ما قبل الفسخ فقط، لا الملكيّة المستدامة إلى ما بعد الفسخ(1)، فالتكاذب في الهبة ـ أيضاً ـ يطبّق عليه قوانين باب الخصومة؛ إذ لو كان قد وهب المال فقد ملّكه لما بعد الفسخ أيضاً، في حين أنّه لو كان قد باع المال بيعاً فيه شرط الخيار على تقدير منع الثمن، فقد ملّكه تمليكاً لما قبل الفسخ فقط. إذن فالنزاع في الهبة وعدمها يعني النزاع في التمليك الدائمىّ وعدمه، فكما أنّ منكر البيع يحلف على عدم البيع، كذلك منكر الهبة يحلف على عدم الهبة.


(1) لايخفى أنّ توّهم كون ما نحن فيه من باب إنشاء ملكيّة ما قبل الفسخ فقط إنّما يكون على تقدير مجموع توّهمين:

أحدهما: توهّم رجوع خيار تخلّف الشرط إلى خيار الشرط، أو توهّم أنّ في موارد الشرط الضمنىّ يوجد شرط الخيار ـ أيضاً ـ على تقدير تخلّف الشرط الأوّل.

والواقع: أنّه لايوجد في المقام إلّا شرط ضمنىّ واحد، وهو شرط التسليم، ولايوجد شرط الخيار على تقدير عدم التسليم، وليس خيار تخلّف الشرط راجعاً إلى خيار الشرط. وتفصيل ذلك موكول إلى محلّه.

ثانيهما: توهّم أنّ شرط الخيار يعني تقييد إنشاء الملكيّة بما قبل الفسخ.

والواقع: أنّ البيع تمليك لذات العين من دون أخذ مفهوم زمانىّ فيه من الدوام كي يكون شرط الخيار استثناءً من ذلك. وتفصيل ذلك ـ أيضاً ـ موكول إلى محلّه.