المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

217

فكلّ منهما مدّع في إحدى الخصومتين، ومنكر في الاُخرى. ومن هنا يأتي التحالف.

وأمّا الثاني: وهو الانفساخ الظاهرىّ هنا ـ لو أنكرنا الانفساخ الواقعىّ ـ فمستحيل؛ للعلم بمخالفته للواقع. فإن كان هناك انفساخ، فهو الانفساخ الواقعىّ(1).

وأمّا الثالث: فيمكن الاستدلال على الانفساخ الواقعىّ في مطلق موارد التحالف في باب التنازع في المعاملات بوجوه ثلاثة:

الوجه الأوّل: أنّ نفس التحالف يقتضي الانفساخ، من ناحية أنّ التحالف إنّما ثبت في باب القضاء لإنهاء الخصومة، ولو لم تنفسخ المعاملة، تكون الخصومة ثابتة على حالها.

ويرد عليه: أنّ إنهاء الخصومة في باب القضاء ليس بمعنى رفع موضوع الخصومة، بل بمعنى: أنّ حكم الحاكم يفرض عليهما ترك التخاصم، أي: لايجوز لأحدهما أن يخاصم الآخر، ويجب عليه السكوت والصبر حتّى لو علم بأنّه حكم عليه حكماً غير مطابق للواقع، وأنّه هو على الحقّ. فلو حكم عليه ـ مثلاً ـ بأنّ المال المتنازع فيه لصاحبه، لم يجز له أن يسرقه من صاحبه لعلمه بأنّه له، وأمّا انتفاء أصل منشأ الخصومة، فليس هو المقصود من قوانين باب الترافع.

الوجه الثاني: تطبيق قانون (تلف المال قبل قبضه من مال بائعه) على المقام، بدعوى أنّ من كانت دعواه غير مطابقة للواقع، فقد عجّز الآخر عن أخذ ماله ومطالبته به؛ إذ بحكم الحاكم قد حرم عليه مطالبته بالمال، وهذا بحكم تلف المال عليه، والتلف قبل القبض من مال البائع.

وقد فسّروا هذه القاعدة بالانفساخ.

ويرد عليه: أنّه لو سلّم(2) ذلك، فهو لايعمّ مطلق موارد التحالف في باب المعاملات؛ لثبوت القاعدة بنصّ خاصّ في باب البيع قبل القبض. وربّما يكون الترافع في غير البيع، وربّما يكون بعد القبض.

الوجه الثالث: أنّ المعاملة تنفسخ بعد التحالف؛ للغويّة بقائها؛ لعدم ترتّب فائدة عليها عندئذ.


(1) قد يقصد بالانفساخ الظاهرىّ نفي تحقّق كلّ واحد من البيعين ظاهراً. واحتمال مطابقة كلّ من الحكمين للواقع موجود، وإن علم إجمالاً بمخالفة أحدهما له.

(2) ولانسلّمه.