المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

15

وقد ذكر السيّد حسن الصدر ـ أيضاً ـ في تكملة أمل الآمل: أنّ الشيخ محمّدحسن صاحب الجواهر والشيخ حسن بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء ـ وهما من أكابر أساتذة النجف الأشرف ـ كانا يَدِينان بالفضل للسيّد صدرالدين عند رجوعه من إصفهان إلى النجف الأشرف، وكانا يجلسان لديه جلسة التلميذ لدى اُستاذه.

دخل يوماً السيّد صدرالدين على المحقّق صاحب الجواهر(رحمه الله)، فأقبل صاحب الجواهر إليه آخذاً بعضده، وأجلسه محلّه، وجلس قبالته، وتذاكرا في العلم والفقه، وانجرّ الكلام إلى اختلاف الفقهاء في مسألة ما، فبيّن السيّد ببيان فائق اختلاف الآراء الفقهيّة في تلك المسألة مع اختلاف طبقاتهم من العصر الأوّل إلى زمانه، وفرّع الخلاف في ذلك على اختلافهم في المباني والمسالك، وشرح تلك المباني والفروق التي بينها، فتعجّب الشيخ صاحب الجواهر من تبحّر السيّد، وقال بعد ذهاب السيّد: «ياسبحان الله! السيّد جالسَ جميع العلماء، وبحث معهم، ووقف على أذواقهم ومسالكهم. هذا والله العجب العجاب، ونحن نعدّ أنفسنا من الفقهاء. هذا الفقيه المتبحّر».

وقد رُوِي في تكملة أمل الآمل عن الشيخ الجليل عبدالعليّ النجفيّ الإصفهانيّ(رحمه الله): أنّه دخل السيّد صدرالدين في ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك حرم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، وبعد أن أنهى زيارته للإمام(عليه السلام) جلس خلف الضريح المقدّس؛ لكي يقرأ دعاء أبي حمزة، وحينما قرأ الجملة الاُولى: «إلهي لاتؤدّبني بعقوبتك» أخذه البكاء، وكرّر الجملة مراراً وهو يبكي إلى أن غشي عليه، فحملوه من الحرم الشريف إلى بيته.

وكانت للسيّد(رحمه الله) كلمات ومقاطع خاصّة لدى مناجاته لله تعالى، منها قوله:

رضاك رضاك لاجنّات عدن
وهل عدن تطيب بلا رضاكا

تزوّج السيّد صدرالدين(رحمه الله) بنت الشيخ الأكبر صاحب كشف الغطاء، وولدا ابناً اسمه السيّد محمّد علي المعروف بـ (آقا مجتهد)، وكان من أعلام عصره ونوادره.

وقد اُبتلي السيّد(رحمه الله) في أواخر حياته في إصفهان باسترخاء في بدنه شبه الفالج. ورأى ذات يوم في عالم الرؤيا الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) قائلاً له: «أنت ضيفنا في النجف الأشرف»، وعرف بهذه الرؤيا أنّ وفاته قد اقتربت، فهاجر إلى النجف الأشرف، وتُوفّي في ليلة الجمعة أوّل شهر صفر من سنة ( 1264 هـ )، ودفن في حجرة في الزاوية الغربيّة من الصحن الشريف قريباً من الباب السلطانيّ رضوان الله عليه.