المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

129

كرامته، وتحقيق ما آمن به من طموحات خيّرة، وأهداف عالية، فمن قضيّة (التبغ) التي استطاع فيها هذا الشعب العظيم أن يكسر الطوق الذي أراد حكّامه ومخدوموهم المستعمرون أن يطوّقوا به وجوده، إلى قضايا (المشروطة) التي قاوم فيها الشرفاء الأحرار من أبناء هذا البلد الكريم ألوان التحكّم والاستبداد، في وقت كان العالم الإسلاميّ فيه غارقاً في أشكال مؤلمة من هذا الاستبداد، إلى الممارسات الفعليّة لهذا الشعب المكافح التي قدّم من خلالها حجماً عظيماً من التضحيات، ولايزال يقدّم، وهو يزداد يوماً بعد يوم إيماناً وصموداً وتأكيداً على روحه النضاليّة.

بين هذه الملاحم النضاليّة يبدوعمق الشخصيّة المذهبيّة للفرد الإيرانيّ المسلم، والدور العظيم الذي يؤدّيه مفهومه الدينيّ، وتمسّكه العميق بعقيدته ورسالته ومرجعيّته في مجالات هذا النضال الشريف. وفي كلّ هذه الملاحم نلاحظ: أنّ الروح الدينيّة كانت هي المعين الذي لا ينضب للحركة، وأنّ الشعارات الإسلاميّة العظيمة كانت هي الشعارات المطروحة على الساحة، وأنّ المرجعيّة الرشيدة كانت هي الزعامة التي تلتفّ حولها جماهير الشعب المؤمنة، وتستلهمها في صمودها وجهادها، ولاتوجد هويّة لشعب أصدق انطباقاً عليه وتجسيداً لمضمونه من الهويّة التي يتجلّى بها في ساحة الجهاد والبذل والعطاء، ولم يعبّر شعب عن حرّيّته النضاليّة تعبيراً أوضح وأجلى بما عبّر به الشعب الإيرانيّ المسلم عن هويّته الإسلاميّة، في كلّ ما خاضه من معارك شريفة كانت التعبئة لكلّ واحد منها تتّسم باسم الإسلام، وكانت المشاعر والقلوب تتجمّع على أساسه، وكانت القوى الروحيّة والمرجعيّة الصالحة هي التي تتقدّم المسيرة في نضاله الشريف. ولئن كان الشعب الإيرانيّ قد عبّر عن هويّته النضاليّة الأصليّة باستمرار، فإنّ نهضته الحيّة المعاصرة لهي التعبير الأروع عن تلك الهويّة النضاليّة المؤمنة، التي عبّر بها الشعب الإيرانيّ عن نفسه ولايزال، وهي من أعظم ذخائر الإسلام وطاقاته التي يملكها في التأريخ الإسلاميّ الحديث.

وتشير هذه الهويّة النضاليّة في خلال التجارب الجهاديّة التي مارسها ولايزال يمارسها شعب إيران المسلم إلى عدد من الحقائق تبدو واضحةً كلّ الوضوح، ومن