المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

94

مقام صحّة الوضوء إلى وجود أمر؛ فإنّ الدليل الأوّليّ إنّما دلّ على اشتراط أصل الوضوء في الصلاة، غاية ما هناك أن نقيّده بأن يكون الوضوء بداع من الدواعي الإخلاصيّة للمولى، ولا إشكال في أنّ داعي الصلاة به بعد دخول الوقت داع إخلاصيّ له سبحانه وإن كان الوضوء قبل الوقت، إلّا أنّه يفرض بحسب التسالم والإجماع اشتراط كون الوضوء عباديّاً، والعباديّة لا تتحقّق بمجرّد كونه بداع إخلاصيّ، بل لابدّ فيها من أمرين:

أحدهما: أن يكون مطلوباً للمولى خطاباً وملاكاً، أو ملاكاً على الأقلّ.

والثاني: أن يُؤتى به بداع من الدواعي الحسنة والإخلاصيّة.

وكلا الأمرين حاصل في المقام:

أمّا الأوّل، فلما هو الصحيح من الاستحباب النفسيّ للوضوء، ولا نحتاج إلى وجوبه المقدّميّ أو ملاكه الذي لا يتحقّق ـ على المشهور ـ قبل الوقت.

وأمّا الثاني، فلأنّ قصد الصلاة التي سوف يأتي وقتها داع إخلاصيّ لله بلا إشكال، فمن يعلم بأنّ المولى سوف يعطش فيهيّء الماء سابقاً، يعدّ فعله حسناً عقلاً، ومظهراً من مظاهر الإخلاص في العبوديّة.

نعم، لو قلنا: إنّه لابدّ أن يقصد أمراً فعليّاً، فلا يمكن أن يتأتّى منه قصد ذلك لأجل مصلحة تصحيح الوضوء، لكن لا دليل على ذلك.

ومنها: ما لو اُوقف حوض المسجد مثلاً للوضوء للصلاة في المسجد، فإذا كان المقصود بذلك: الوقف لمن يتوضّأ بقصد الصلاة فيه ولو حصل له البداء ولم يصلِّ بعد ذلك، فمن الواضح: أنّه كان من قبيل ما نحن فيه، فالملاك يكون في نفس القصد وهو يعلم أنّه بعد انتهاء الوضوء يرتفع الداعي، وإذا كان المقصود بذلك: الوقف لمن يصلّي بالفعل في هذا المسجد بهذا الوضوء، فإذا حصل له البداء ولم