المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

93

و قد تحصّل: أنّه في غالب الفروض (عند عدم وجود رغبة مستقلّة في نفس الإقامة) لا يمكن قصد الإقامة: إمّا من باب: أنّه لا يتولّد الشوق إلى الشيء لمصلحة في الشوق كما هو الحال على التفسير الأوّل لقصد الإقامة، أو من باب: أنّه يعلم بأنّه سوف يعدل عن الإقامة كما هو الحال على التفسير الثاني والثالث، إذن فيحتاج إلى جعل الإقامة ذات مصلحة حتّى يتمشّى منه قصدها، وذلك يكون بأنحاء: كالنذر، أو كأن يعلن عن قصده للإقامة عموماً للناس حينما تكون له حزازة في الخُلف، فتتكوّن في طول الإعلان مصلحة له في الإقامة.

وهناك فروع اُخرى مشابهة لهذا الفرع(1) داخلة في محلّ الابتلاء:

منها: من يريد أن يتوضّأ قبل الوقت ليحفظ وضوءه لصلاة الظهر مثلاً، حيث قد يقال فيه ـ بناءً على ما اشتهر من عدم صحّة الوضوء للصلاة قبل الوقت ـ: ليتوضّأ بقصد قراءة القرآن بينما تكون المصلحة في نفس القصد؛ إذ هو لا يشتاق إلى قراءة القرآن إلّا لأجل الوضوء، فبعد تماميّة الوضوء لا داعي له إلى قراءة القرآن، فهو يحتاج إلى إيجاد مرغّب له في نفس القراءة كأن يفكّر في ثوابها وفضيلتها(2).

إلّا أنّنا لسنا بحاجة إلى هذا الكلام؛ لأنّنا نناقش في أصل مبنى عدم صحّة الوضوء للصلاة قبل الوقت، فإنّنا لو بقينا نحن ومقتضى القاعدة، لم نكن نحتاج في



(1) أي في الإشكال الثاني، أعني: عدم إمكانيّة نيّة ما يعلم بزوال الدافع إليه في ظرفه المستقبليّ، لا الإشكال الأوّل.

(2) يبدو أنّ هذا الإشكال مبنيّ على ما هو المعروف من عدم اختصاص الوجوب المقدّميّ بالمقدّمة الموصلة، أمّا على ما سيختاره اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) في محلّه من اختصاصه بالمقدّمة الموصلة، فلا مجال لهذا الإشكال؛ لأنّه لو لم يقرأ القرآن انكشف أنّ الوضوء الذي صدر منه لم يكن مأموراً به؛ لأنّ المقدّمة لم تصبح موصلة.