المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

92

إلّا أنّنا نقول: إنّ الإشكال السابق وإن كان غير وارد هنا ولكن يحلّ محلّه إشكال آخر، وهو: أنّ الذي يدعوه إلى هذا البناء إنّما هو تصحيح الصوم، وهويعلم أنّ هذا الداعي سوف ينتفي عند انتهاء الصوم(1)، فيستحيل أن يتمشّىمنه هذا البناء إلّا من باب لقلقة اللسان، فإنّ الإنسان إنّما يستطيع أن يبني علىشيء استقباليّ فيما إذا كان داعيه إلى البناء على ذلك موجوداً في اُفق تصوّرهالآن بلحاظ ظرف العمل ولو حصل له البداء بعد ذلك. وأمّا إذا كان يعلم أنّداعيه إلى البناء سوف يزول في ظرف العمل، فلا يعقل منه تمشّي البناء عليه الآن حقيقة.

التصوّر الثالث: أن يكون المقصود بإرادة الإقامة العلم أو الاطمئنان بالبقاء عشرة أيّام، وهذا هو الصحيح، فالشرط في التمام وصحّة الصوم ليس هو قصد الإقامة بمعنى الشوق إليه أو إنشاء البناء النفسيّ عليه، بل يكفي أن يكون مطمئنّاً بأنّه سوف يبقى عشرة أيّام ولو مجبوراً بلا شوق ولا بناء نفسيّ، وهنا أيضاً يكون الإشكال الأوّل غير وارد، ولكن يرد ما هو نظير الإشكال الثاني، فإنّه يقال: إنّ مصدر اطمئنانه بالبقاء لم يكن هنا جبر الظالم مثلاً، بل كان هو بناؤه النفسيّ على البقاء، وقد مضى: أنّ البناء النفسيّ على شيء في المستقبل مع افتراض علمه بأنّه سوف يزول داعيه إلى هذا البناء، ويرجع إلى أهله شوقاً إليهم بعدما انتهى صومه لا يمكن أن يتمشّى منه حقيقةً.



(1) أو عند انتهاء صلاة رباعيّة، أو عند انتهاء صوم يوم واحد بناءً على كفاية الصوم لاستقرار أثر الإقامة، وهنا أيضاً يأتي استثناء الفرض النادر الذي مضى استثناؤه على التصوّر الأوّل، وكذلك الحال على ما سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ من التصوّر الثالث.