المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

91

بأقلّ من المسافة الشرعيّة، لصحّ له أن يكمل صوم بقيّة الأيّام؛ لأنّنا فرضنا أنّصومه لليوم الأوّل كالصلاة الرباعيّة في تثبيته لحكم الإقامة، فإذن لو نشأ حبّه للإقامة من مصلحة الصوم المترتّب على هذا الحبّ، لكان هذا يعني نشوء الحبّ من مصلحة في نفس الحبّ والذي قلنا: إنّه محال.

نعم، لو فرضنا أنّ هذا الإنسان كان سنخ رجل يصوم ولا يصلّي، وفرضنا أنّ المثبّت لحكم الإقامة بعد كسرها إنّما هي الصلاة الرباعيّة قبل الكسر دون الصوم، وذلك اقتصاراً على حاقّ النصّ، ومن دون حمله على المثاليّة، فعندئذ يكون صومه عشرة أيّام متوقّفاً على الإقامة عشرة أيّام في مكان واحد؛ إذ لو انتقل في الأثناء إلى منطقة اُخرى سيبقى فيها أقلّ من العشرة، لم يصحّ منه الصوم قطعاً، والمفروض: أنّ الصوم عشرة أيّام محبوب له في سفره هذا، فسينوي الإقامة من باب نيّة مقدّمة المحبوب، إلّا أنّ هذا فرض نادر.

التصوّر الثاني: أن يكون المقصود بإرادة الإقامة التي تفرض شرطاً لصحّة الصوم البناء النفسيّ والالتزام بالإقامة، وهذا غير الشوق إلى الإقامة، فقد يحصل هذا البناء من دون الشوق إليها حينما تصبح الإقامة ملازمة لمحبوب له من دون فرض المقدّميّة، بل قد يبني عليها برغم كرهه لها؛ وذلك لأهمّيّة الملازم المحبوب، وهذا البناء فعل نفسانيّ داخل تحت سلطة الإنسان، ولا فرق بين أفعال الجوارح وأفعال النفس في دخولها تحت القدرة، وليس هذا البناء صفة من صفات النفس من قبيل الحبّ والبغض، فإذا رأى مصلحة في هذا البناء وهي صحّة صومه، فقد يقال: إنّه يقدم عليه لتلك المصلحة برغم عدم المصلحة في نفس الإقامة، والإشكال الماضي في التصوّر الأوّل وهو استحالة نشوء الشوق من مصلحة في نفس الشوق منتف هنا أساساً.