المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

90

التصوّر الأوّل: ما يناسب اُسلوب طرحهم لهذا الفرع ونقاشهم فيه بالنحو الذي عرفت، وهو أن يكون شرط الصوم عبارة عن إرادة الإقامة على أن يقصد بالإرادة الحبّ والشوق المؤكّد، وعندئذ لا محيص عن الإشكال في أكثر فروض المسألة.

وتوضيحه: أنّه تارةً يفترض تعلّق غرضه في هذا السفر بالصوم لأقلّ من عشرة أيّام، وعندئذ فصومه لا يتوقّف على وقوع الإقامة منه، ولا يستلزمها بوجه من الوجوه؛ إذ لو عدل بعد الصوم عن الإقامة وكسر الإقامة، لصحّ صومه بلا إشكال، فلو حصل له حبّ الإقامة لأجل الصوم، للزم نشوء الحبّ من المصلحة فيه، وهذا هو المحال.

واُخرى يفرض تعلّق غرضه في هذا السفر بالصوم لعشرة أيّام، وأنّه صلّى أو سيصلّي صلاة رباعيّة قبل كسر نيّة الإقامة، فهنا أيضاً يستفحل الإشكال؛ لأنّ صومه لعشرة أيّام لا يتوقّف على الإقامة في مكان واحد ولا تستلزمها، كما يشهد لذلك أنّه لو كسر الإقامة في مكان واحد بعد أن صلّى صلاة رباعيّة وانتقل إلى مكان آخر يبعد عن الأوّل بأقلّ من المسافة الشرعيّة، لصحّ له أن يكمل صوم بقيّة الأيّام في ذلك المكان، إذن فإن نشأ منذ البدء حبّه لإقامة عشرة أيّام في مكان واحد من مصلحة الصوم المترتّب على هذا الحبّ، لزم نشوء الحبّ من مصلحة فيه، وهو المحال.

وثالثة يفرض أيضاً تعلّق غرضه في هذا السفر بالصوم لعشرة أيّام، إلّا أنّه سنخ رجل يصوم ولا يصلّي، ولنفترض أنّنا قد أفتينا بأنّ صوم يوم واحد كصلاة رباعيّة واحدة يوجب تثبيت حكم الإقامة، وحملنا الصلاة الرباعيّة الواردة في النصّ على المثاليّة لكلّ ما يكون عملاً بوظيفة المقيم، فهنا أيضاً يستفحل الإشكال؛ لأنّ صومه لعشرة أيّام لا يتوقّف على الإقامة في مكان واحد ولا يستلزمها، كما يشهد لذلك أنّه لو كسر الإقامة بعد صوم يوم واحد وانتقل إلى مكان آخر يبعد عن الأوّل