المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

87

لا ينفكّ عن الفعل لدى الإنسان المختار، أو لم تقم كما لو طرأ العجز لدى إرادة القيام، فهو ينقدح في نفسه الإرادة والشوق المؤكّد إلى القيام، فمن هنا وقع الكلام في أنّه: هل يمكن أن تنشأ الإرادة والشوق المؤكّد من مصلحة في نفسها، أو لا؟ قد يقال: إنّ هذا ممكن وواقع عرفاً في جملة من الموارد، ومنها ما لو أراد أن يصوم وهو مسافر، فقد قالوا: يقصد إقامة عشرة أيّام، فيصحّ منه الصوم، ولكن يتّفق كثيراً أنّه ليست لديه مصلحة تدعوه إلى إقامة عشرة أيّام إلّا نفس أن يصحّ صومه، وهذه المصلحة لا تترتّب على نفس الإقامة، بل تترتّب على قصد الإقامة وإرادتها، فلو قصد الإقامة وصام، صحّ صومه ولو لم يوفّق خارجاً للإقامة عشرة أيّام، ولو بقي خارجاً عشرة أيّام من دون قصد للإقامة لم يصحّ صومه، وكثيراً ما يتّفق أنّ الإنسان يقصد الإقامة لأجل هذه المصلحة.

والمحقّق العراقيّ (رحمه الله) قال: إنّ هذا لا يمكن؛ إذ حينما يكون الفعل والترك في نظر الإنسان على حدّ سواء تكون إرادته واشتياقه إلى الفعل ترجيحاً بلا مرجّح، فيستحيل اقتضاء الفعل للإرادة في حقّه دون الترك(1).

والكلام يقع أوّلاً في أصل معقوليّة ذلك وعدمه، وثانياً في هذا الفرع الفقهيّ، وأنّه إذا استحال ذلك، فكيف يصحّح صوم هذا الشخص الذي يريد أن يصوم في السفر ولا يرى مصلحة في نفس الإقامة؟

أمّا الأوّل: فالصحيح: أنّ الحبّ والبغض والشوق المؤكّد دائماً يحصل على أساس ما في المتعلّق، ويستحيل حصوله لمصلحة في نفسه. وليس الوجه في ذلك ما ذكره المحقّق العراقيّ (رحمه الله): من أنّه يلزم من تعلّق الإرادة بالفعل مع تساوي الفعل والترك الترجيح بلا مرجّح؛ فإنّ هذا جوابه واضح، وهو: أ نّا لو بقينا وهذا المقدار



(1) راجع نهاية الأفكار، ج 1، ص 173 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.