المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

86

الثاني: أنّ هذا الاختيار الذي ثبت للإنسان ليس اختياراً مطلقاً؛ إذ ما أكثر الأشياء التي تقع أو لا تقع برغم أنف الإنسان، فهو اختيار محدود لا محالة، وضابطه هو: أنّ الأفعال والتروك التي يكون للاعتقاد بالمصالح والمفاسد تأثير فيها وجوداً وعدماً فهي اُمور اختياريّة.

ويدخل تحت هذا الضابط أمران:

الأوّل: الأفعال الخارجيّة كالصلاة والصيام، أو المُنشَآت النفسيّة كعقد القلب، ونحو ذلك.

والثاني: نفس الحبّ والبغض والشوق المؤكّد.

أمّا الأوّل، فانطباق الضابط عليه واضح.

وأمّا الثاني، فتطبيق الضابط عليه قد يكون بأحد وجهين:

الأوّل ـ وهو الصحيح ـ: أنّ تأثّر الحبّ والبغض والشوق المؤكّد يكون بالاعتقاد بالمصلحة والمفسدة في المحبوب والمكروه، فمن يعتقد المصلحة في الأكل مثلاً يشتاق إلى الأكل، ومن يعتقد المفسدة فيه يكرهه، نظير: أنّ من يعرف بوجود صفات الكمال في عليّ(عليه السلام) يحبّه، ومن يعرف بوجود صفات اللؤم في إبليس يبغضه. وبهذا الاعتبار كانت هذا الصفات داخلة تحت الاختيار في كثير من الأوقات، وصحّ التكليف بها، فيصحّ أن يوجب المولى على العبد أن يحبّ أمير المؤمنين(عليه السلام)؛ إذ بالإمكان دخله تحت الاختيار عن طريق النظر في صفاته وكمالاته(عليه السلام)، أو أن يحبّ الصلاة؛ إذ بإمكانه ذلك عن طريق النظر إلى مصالحها وهكذا.

الثاني: أن تفرض المصلحة في نفس الشوق المؤكّد، فلو فرض أنّه لا يرى مثلاً أيّ مصلحة في نفس القيام، لكن قال له شخص: لو أردت القيام واشتقت إليه شوقاً مؤكّداً، أعطيتك ديناراً، سواء قمت بالفعل كما هو الواقع؛ لأنّ الشوق المؤكّد