المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

81

الاُولى: أنّ قاعدة (أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد) لو كانت قاعدة قام عليها البرهان، فلا معنى للالتزام بالتخصيص؛ إذ ما يقوم عليه البرهان العقليّ لا يقبل التخصيص والتقييد، ولكن الصحيح: أنّها ليست قاعدة مبرهنة، بل هي قاعدة وجدانيّة، من المدركات الأوّليّة للعقل وإن كان قد يبرهن على ذلك بأنّ الحادث لو وجد بلا علّة ووجُوب، للزم ترجيح أحد المتساويين على الآخر بلا مرجّح، وهو محال، لكنّك ترى: أنّ استحالة الترجيح أو الترجّح بلا مرجّح هي عبارة اُخرى عن أنّ المعلول لا يوجد بلا علّة، إذن فلابدّ من الرجوع في هذه القاعدة إلى الفطرة السليمة مع التخلّص من تشويش الاصطلاحات والألفاظ، لنرى ما هو مدى حكم الفطرة والوجدان بهذه القاعدة، فننتقل إلى النقطة الثانية.

الثانية: أنّ الفطرة السليمة تحكم بأنّ مجرّد الإمكان الذاتيّ لا يكفي للوجود. وهنا أمران إذا وجد أحدهما رأى العقل أنّه يكفي لتصحيح الوجود:

أحدهما: الوجوب بالغير، فإنّه يكفي لخروجه عن تساوي الطرفين، ويصحّح الوجود.

والثاني: السلطنة، فلو وجد ذات في العالم يملك السلطنة، رأى العقل بفطرته السليمة أنّ هذه السلطنة تكفي للوجود.

وتوضيح ذلك: أنّ السلطنة تشترك مع الإمكان في شيء، ومع الوجوب في شيء، وتمتاز عن كلّ منهما في شيء:

فهي تشترك مع الإمكان في أنّ نسبتها إلى الوجود والعدم متساوية، لكن تختلف عن الإمكان في أنّ الإمكان لا يكفي لتحقّق أحد الطرفين، بل يحتاج تحقّقه إلى مؤونة زائدة، وأمّا السلطنة فيستحيل فرض الحاجة معها إلى ضمّ شيء آخر إليها لأجل تحقّق أحد الطرفين؛ إذ بذلك تخرج السلطنة عن كونها سلطنة، وهو خلف، بينما في الإمكان لا يلزم من فرض الحاجة إلى ضمّ ضميمة خلف