المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

79

أقول: إنّنا نقبل من المحقّق النائينيّ (رحمه الله) بنحو الإجمال ما ذكره: من أنّه لابدّ من رفع اليد في الأفعال الاختياريّة عن إطلاق قوانين العلّيّة وقاعدة (أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد) كما سيأتي توضيحه، ولكن ما ذكره في مقام تفصيل ذلك من افتراض فعلين للنفس، وشرحه بالنحو الذي عرفت توجد لنا حوله عدّة تعليقات:

الاُولى: أنّ ما جعله فعلاً نفسيّاً وراء الفعل الخارجيّ ـ وهو تأثير النفس واختيارها وإعمالها لإمكانيّاتها في إيجاد الصلاة ـ ليس بحسب الحقيقة أمراً وراء الفعل الخارجيّ؛ فإنّ الإعمال عين العمل، والتأثير عين الأثر، وهذه عناوين انتزاعيّة منتزعة من نفس العمل والأثر، فالإعمال والعمل، والإيجاد والوجود، والتأثير والأثر مفهومان مختلفان بالاعتبار، متّحدان خارجاً، فمثلاً الاحراق تارةً يلحظ منسوباً إلى الفاعل فيسمّى إحراقاً وإيجاداً للاحتراق، واُخرى يلحظ منسوباً إلى المحلّ فيسمّى وجوداً أو احتراقاً.

الثانية: أنّ إدخال فرضيّة وجود عمل نفسانيّ وراء العمل الخارجيّ، وتوسيطه بين الإرادة والفعل لا دخل له في حلّ الشبهة، فيمكننا أن نلتزم رأساً في الفعل الخارجيّ بما التزم به المحقّق النائينيّ (رحمه الله)في الفعل النفسيّ من خروجه عن قانون (أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد)، فإن كان هذا التخصيص لذاك القانون كافياً لرفع الشبهة، أمكن أن يطبّق ابتداءً على الفعل الخارجيّ، وإن لم يكن كافياً لذلك، فافتراض فعل آخر متوسّط بين الإرادة والفعل لا يؤثّر في رفع الشبهة.

الثالثة: أنّنا إذا لاحظنا الفعل الخارجيّ ونسبته إلى الفعل النفسانيّ، رأينا أنّ حاله حال سائر الحوادث في عالم الطبيعة، أي: ينطبق عليه قانون (أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد)؛ إذ هو وليد الفعل النفسانيّ. وأمّا إذا لاحظنا الفعل النفسانيّ، فقد افترض(قدس سره) أنّه خارج عن قانون (أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد)، وسواء فرضنا: أنّ هذا الفعل النفسانيّ هو الخارج عن هذا القانون أو فرضنا: أنّ الفعل الخارجيّ