المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

75

الشرطيّة صادقة في جميع موارد الاختيار، ولا يضرّ به الوجوب بالذات أو بالغير.

إلّا أنّ الشأن في صحّة هذا التفسير؛ فإنّه إن كان مجرّد اصطلاح للفلاسفة لأجل تغطية المسألة، فلا مشاحّة معهم في الاصطلاح، وإن كان مرجعه إلى تشخيص معنى الاختيار لغة، وأنّ واضع اللغة هكذا وضع لفظة الاختيار، فأيضاً لا كلام لنا معهم؛ إذ ليس بحثنا لغويّاً لنرى أنّ الواضع لأيّ معنىً وضع لفظ الاختيار، وأمّا إن كان المنظور الاستطراق إلى التكليف والحساب، وتوضيح الفارق بين حركة أمعاء الإنسان وحركة أصابعه الذي جعل الإنسان يحاسب على الثانية دون الاُولى (سواء فرضنا أنّ لكلمة الاختيار معنىً في اللغة أو لا)، فحينئذ نقول: تارةً نتكلّم على ما هو الحقّ من التسليم بالحسن والقبح العقليّين، واُخرى نتكلّم بناءً على إنكار ذلك كما أنكره الأشاعرة صريحاً، وأنكره الفلاسفة بشكل مستور، حيث أرجعوا الحسن والقبح إلى الاُمور العقلائيّة والمشهورة:

أمّا بناءً على ما هو الحقّ من التسليم بالحسن والقبح العقليّين، فلا محصّل لكلّ هذه الكلمات في تخلّصهم من المشكلة، فإنّ حركة الأصابع إذا كانت ناشئة بالضرورة من الإرادة، والإرادة ناشئة بالضرورة من مبادئها، وهي ناشئة بالضرورة من عللها، وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى الواجب بالذات، فحالها تماماً حال حركة الأمعاء عند الخوف مثلاً الناشئة بالضرورة من عامل الخوف الناشيء بالضرورة من عوامل مؤثّرة في النفس الناشئة من عللها، وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى الواجب بالذات، وكما تقبح المحاسبة والعقاب على الثاني كذلك تقبح على الأوّل بلا أيّ فرق بينهما، سوى أنّ واضع اللغة سمّى الأوّل اختياريّاً دون الثاني.

وأمّا بناءً على إنكار الحسن والقبح العقليّين، فلا تبقى مشكلة من ناحية قبح المحاسبة والعقاب حتّى نحتاج إلى حلها. نعم، تبقى فقط مشكلة لَغْويّة التكليف،