المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

73

والاختيار، حيث إنّ مجرّد اختيار المذهب الشيعيّ في المسألة الاُولى القائل بأنّ للإنسان دخلاً في الفاعليّة كما أنّ لله تعالى دخلاً فيها، أو اختيار المذهب المعتزليّ القائل بأنّ الإنسان هو الفاعل محضاً لا يُحتّم كون الإنسان مختاراً غير مجبور في فعل، فلعلّ صدور الفعل من الإنسان كصدور الإحراق من النار بناءً على فاعليّة النار للإحراق. نعم، لو اختير في المسألة الاُولى المذهب الأشعريّ القائل بكون الفاعل هو الله محضاً، لثبت كون الإنسان غير مختار، فهذا المسلك وإن كان يكفي لإثبات الجبر لكن المسلكين الآخرين لا يكفيان لإثبات الاختيار، فلابدّ من المسألة الثانية لحسم مسألة الجبر والاختيار فنقول:

المسألة الفلسفيّة:

وأمّا المسألة الثانية: فهي ـ في الحقيقة ـ نشأت لدفع شبهة فلسفيّة تنفي الاختيار حتّى بعد الاعتراف بأنّ الفعل فعل الإنسان، وهذه الشبهة مركّبة من مقدّمتين:

الاُولى: أنّ الاختيار ينافي الضرورة؛ فإنّ الضرورة تساوق الاضطرار المقابل للاختيار من قبيل حركة يد المرتعش التي هي ضروريّة.

الثانية: أنّ صدور الفعل من الإنسان يكون بالضرورة؛ لأنّ الفعل الصادر منه ممكن من الممكنات، فتسوده القوانين السائدة في كلّ عالم الإمكان القائلة بأنّ الممكن ما لم يجب بالغير لم يوجد، فبالجمع بين هاتين المقدّمتين يثبت أنّ الإنسان غير مختار في أفعاله؛ إذ لا يصدر منه فعل إلّا بالضرورة، والضرورة تنافي الاختيار.

وهذه الشبهة اختلفت المسالك والمباني في كيفيّة التخلّص عنها، فبعضها يرجع إلى المناقشة في المقدّمة الاُولى، وبعضها يرجع إلى المناقشة في المقدّمة الثانية، فنقول: