المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

71



مثله سبحانه وهو الخالق القيّوم، وما سواه قائم به قوام المعنى الحرفيّ بالاسميّ.

أقول: إنّ في المثال الذي ذكره (حفظه الله) من البنّاء والكاتب مناقشة، فإنّ السيّد الخوئيّ (رحمه الله) لم يجعل تسبيب الله سبحانه وتعالى كتسبيب مستخدم البنّاء والكاتب، فإنّ قدرة البنّاء والكاتب ليست مستمدّة آناً فآناً من الذي استخدمهما، فقد يقول السيّد الخوئيّ (رحمه الله): إنّ من أوصل التيّار الكهربائيّ إلى يد عبده المشلول، وأعطى بيده السيف ماسكاً زمام السلك حتّى نهاية القتل يكون قاتلاً.

إلّا أنّه مع ذلك يكون روح اعتراض الشيخ السبحانيّ وارداً في المقام برغم قصور عبارة الشيخ السبحانيّ (حفظه الله) فيما ذكره من التمثيل، فروح المطلب هو: أنّ إضافة الخالق ـ جلّ وعلا ـ إلى المخلوقين وإلى أفعالهم إضافة إشراقيّة كإضافة النفس إلى قواها، وليست إضافة مقوليّة كإضافة موصل السلك أو إيصاله إلى عمل العبد المشلول.

والثالث: أنّ فعل العبد من ناحية يكون قائماً بالمولى عزّ وجل؛ لكون الفعل وجوداً إمكانيّاً، والوجود الإمكانيّ حقيقته التعلّق والصلة والربط، كما أنّه في نفس الوقت لا يمكن إنكار دور العبد فيه، فهو فعل صادر من العبد وباختياره، فليس الفعل فعله سبحانه بحيث يكون منقطعاً عن العبد بتاتاً، ويكون دوره دور المحلّ والظرف لظهور الفعل، بل هو فاعل، كما أنّه ليس فعل العبد فقط حتّى يكون منقطعاً عن الواجب قضاءً لحقّ الإضافة الإشراقيّة، وكون الفعل والفاعل أمرين ممكنين، وكون حقيقة الوجود الإمكانيّ عبارة عن محض التعلّق والصلة والربط. وفي هذه النظريّة جمال التوحيد الأفعاليّ منزّهاً عن الجبر، وفيها محاسن العدل منزّهاً عن مغبّة الشرك والثنويّة(1).


(1) راجع الإلهيّات، للشيخ السبحانيّ، ج 1، ص 685 ـ 695.