المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

68



تنفي الفهم الساذج البسيط لبعض عوام الناس الذي يعني كون نسبة الله إلى العالم كنسبة العلل المادّيّة إلى معلولاتها المادّيّة التي تنفصل عن عللها، أو كبنّاء بنى بيتاً ثُمّ انفصل عنه، ولكن لا ظهور لها في التصوير الثالث في مقابل التصوير الثاني، ولو فرض لها ظهور في ذلك، لكان ظهوراً منصدماً بحكم العقل.

وأمّا مسألة الأمر بين الأمرين التي كانت هي مصبّ بحثنا، فالشيخ الإصفهانيّ (رحمه الله)بعد ما اختاره من التصوير الثاني من التصويرات الثلاثة الماضية، وهو: أنّ وجود المخلوق عبارة عن عين الوجود التعلّقيّ والربط بالخالق تعالى قال: «وهذه الإضافة سمّيت بالإضافة الإشراقيّة في قبال الإضافة المقوليّة المتقوّمة بطرفين حقيقيّين، وهذه الإضافة الإشراقيّة من حيث القيام بفاعلها إيجاد، ومن حيث القيام بقابلها وجود، ومنه يظهر سرّ الأمر بين الأمرين»(1).

انتهى ما أردنا نقله، وكأنّ مقصوده (رحمه الله) هو: أنّ فعل الإنسان بما له من إضافة إشراقيّة إليه، ويكون المُشرق في هذه الإضافة نفس الإنسان يكون فعلاً منتسباً إليه، وبما أنّ نفس الإنسان له إضافة إشراقيّة إلى الله، ويكون المُشرق هو الله تعالى ففعله أيضاً مضاف ـ لا محالة ـ إضافة إشراقيّة إلى الله، ومنتسب إليه، فلا هو مفوّض إلى العبد نهائيّاً، ولا هو أجنبيّ عن الله سبحانه، بل هو أمر بين الأمرين.

أقول: إنّ الأمر بين الأمرين بهذا المعنى الذي هو الاحتمال الخامس لا يحسم أيضاً مسألة الجبر والاختيار الفلسفيّة، فلابدّ لحسم ذلك من خوض المسألة الثانية، وهذا ما فعله اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) في المتن.


(1) توحيد علمي وعيني، الرسالة الرابعة للشيخ الإصفهانيّ (رحمه الله) إلى السيّد أحمد الكربلائيّ (رحمه الله)، ص 92.