المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

67



(1) سورة ق، الآية: 16، راجع (توحيد علمي وعيني)، ص 198 ترى السيّد محمّد حسين الحسينيّ الطهرانيّ يستشهد بمثل هذه الآيات على مختاره من انحصار الوجود بالله تعالى، وأنّ الممكنات وجودات مجازيّة، أو شبكات يُرى بها وجود الله.

إلّا أنّ هذه الآيات ـ كما ترى ـ تنسجم أيضاً مع التصوير الثاني، وهو تصوير الوجودات الممكنة وجوداً تعلّقيّاً، وانحصار الوجود المستقلّ بالله تعالى، وهذا خيرة السيّد الإمام الخمينيّ (رحمه الله) في كتابه في الطلب والإرادة، ص 64 و73 بحسب الطبعة المشتملة على ترجمة وشرح السيّد الفهريّ (رحمه الله)، وراجع كتاب الإلهيّات للشيخ السبحانيّ بقلم المكّيّ العامليّ (حفظهما الله) تراه يستشهد بمثل هذه الآيات لما يختاره من أنّ وجودنا وجود تعلّقيّ، وأنّ الوجود المستقلّ منحصر بالله تعالى، وذلك في ج 1، ص 695.

(2) نهج البلاغة، طبعة الفيض، ص 15.

(3) التوحيد، ص 306 بحسب طبعة جماعة المدرّسين، ح 1، من ب 43.

(4) نهج البلاغة، ص 737 بحسب طبعة الفيض.

أقول: لابدّ من توجيه سؤال إلى صاحب التصوير الثالث، وهو: أنّه لئن كانت الممكنات عبارة عن الهيئات التي هي شبكات مصوّرة على وجود الله تعالى، وتلك الشبكات هي أعدام بحت واعتباريّات صرف، إذن فمن المخاطب بالتكاليف الشرعيّة، هل هو ما يُرى من هذه الشبكات من وجود الله، أو نفس الشبكات التي هي أعدام، أو المجموع المركّب منهما تركيباً اعتباريّاً؟ ومن الذي يثاب ومن الذي يعاقب؟ وما هو الهدف من بعث الرسل وإنزال الكتب؟! ثمّ ما الذي خلقه الله تعالى، هل هو المرئيّ بالشبكة وهو الله تعالى، أو نفس الشبكة الذي هو عدم محض، أو إنّ المقصود بالخلق هو مجرّد الاعتبار الذي لا يكون وحده إلّا لعباً، وهو يقول:(مَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ)(1).

أمّا حديث كون الوجود التعلّقيّ حدّاً للوجود المطلق الإلهيّ، فكلام غريب؛ لأنّ الوجود التعلّقيّ إنّما يعتبر حدّاً لذاك الوجود لو كان يفسح عدمُه مجالاً لامتداد ذاك الوجود المطلق، فيقال: إنّ هذا الوجود يعني حدّاً لذاك؛ إذ لا يبدأ هذا إلّا من حين ينتهي ذاك، ولكن الأمر ليس كذلك؛ لأنّ عدم الوجود التعلّقيّ لو فسح مجالاً للامتداد، لكان الامتداد وجوداً تعلّقيّاً، وتعالى الله عن أن يكون له وجود تعلّقيّ، سواء وجد وجود تعلّقيّ آخر أو لم يوجد، فأيّ تأثير في حساب البرهان الذي اقتضى الإطلاق والصرافة في وجود الله لوجود تعلّقيّ مخلوق لله تعالى؟! والبرهان إنّما اقتضى الوجود المستقلّ لواجب الوجود لا شيئاً آخر، بل البرهان ناف للوجود التعلّقيّ عنه، فالذي ينافي البرهان إنّما هو فرض وجود مستقلّ آخر، فهو الذي ينفي صرافة الوجود المستقلّ لله تعالى.

نعم، لا شكّ أنّ الآيات المشار إليها والأحاديث التي نقلناها عن عليّ(عليه السلام) وما أشبهها


(1) سورة الأنبياء، الآية: 16.