المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

64



التصوير الثالث: ما نسب إلى جمع من العرفاء(1): من أنّ أيّ وجود يفترض غير وجودالله سبحانه وتعالى يكون ذلك حدّاً لوجوده تعالى، سواء فرضناه وجوداً استقلاليّاً أو فرضناه وجوداً تعلّقيّاً، فهو مادام شريكاً مع الله في الوجود ولو بمرتبة افترضناها نازلة فقد شكّل هذا الوجود حدّاً لوجوده سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً، ولا فرق في لزوم التحديد بين أن يفترض وجود في مقابل وجود الله صغير كجناح بعوضة، أو ذرّة لا تُرى بالعين، أو هو أصغر من ذلك، أو يفترض وجود من أعظم الخلائق وأكبرها، وبين أن يفترض وجود من أعلى مراتب الوجود شدّةً وقوّةً وكثرةً، أو من أدناها مرتبة وضعفاً وقلّة.

وعليه فالواقع: أنّ الممكنات أو الماهيّات ـ في الحقيقة ـ هي شبكات لذلك الوجود المستقلّ المطلق، وهو وجود الله تعالى، ويرى من خلالها ذاك الوجود. إذن فصاحب هذا الرأي لا يقول بأنّ العالم وهم وخيال، أو اعتبار محض لا وجود له، أو أنّ إطلاق عنوان الموجود فيه يكون على أساس مجرّد نسبته إلى وجود الله من قبيل التامر واللابن نسبةً إلى التمر واللبن، ولا يرى: أنّ وجود الله حلّ في الوجودات الممكنة أو اتّحد معها، أو ما إلى ذلك من عناوين تقتضي نوعاً من الاثنينيّة أوّلاً، ثُمّ الحلول أو الاتّحاد، بل يرى صريحاً: أنّ العالم بكلّ ما يزخر به ظاهراً من الممكنات شبكة يُرى بها وجود الله الذي هو الوجود الحقيقيّ والمستقلّ والمطلق البسيط وغير المشكّك وإن كان المرئيّ كأنّه يتقدّر


(1) راجع كتاب (توحيد علمي وعيني) تذييل السيّد محمّد حسين الحسينيّ الطهرانيّ على الرسالة الرابعة للشيخ الإصفهانيّ (رحمه الله)، ص 195 ـ 220. وصاحب التذييل يدّعي أنّ هذا هو رأي جميع العرفاء بالله.