المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

58

الطلب والإرادة

الجهة الرابعة: قد مضى أنّ كلمة الأمر موضوعة للطلب، وقد وقع الكلام في أنّه: هل هو عين الإرادة أو غيرها؟ وأنّه: هل هو أمر نفسانيّ كالقدرة، أو فعل نفسانيّ، أو فعل خارجيّ؟

والأشاعرة ادّعوا المغايرة بين الطلب والإرادة، والمعتزلة ادّعوا العينيّة بينهما.

والأشاعرة استدلّوا على المغايرة بوجوه، أحدها مبتن على مسألة الجبر، وهو: أنّ الإرادة التشريعيّة لا تتعلّق بشيء غير مقدور، والأفعال مخلوقة لله وغير مقدورة للعبد، مع أنّنا نرى أنّه في الشريعة تعلّق الطلب بها، إذن نعرف أنّ الطلب غير الإرادة.

وبهذه المناسبة وقع البحث في الجبر والتفويض والاختيار، إذن فهنا مسألتان:

1 ـ إنّ الطلب والإرادة هل هما أمران، أو أمر واحد؟

2 ـ ما انجرّ إليها البحث من المسألة الاُولى بالمناسبة التي عرفتها، وهي مسألة الجبر والتفويض والاختيار.

ونحن هنا نقصر الكلام على المسألة الثانية، وهي مسألة الجبر والاختيار.

ويكون كلامنا في ذلك بشيء من الاختصار، فنقول:

مسألة الجبر والاختيار

إنّ مسألة الجبر والاختيار تنحلّ إلى مسألتين:

الاُولى: هي المسألة الكلاميّة، حيث وقع الكلام فيها بين المعتزلة القائلين بالتفويض والأشاعرة القائلين بالجبر والشيعة القائلين بأمر بين الأمرين، وروح هذه المسألة يرجع إلى النزاع في تشخيص فاعل هذه الأفعال التي تتحقّق على