المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

54

بعض الثمرات المترتّبة على المسالك الثلاثة:

وهنا نذكر بعض الثمرات المترتّبة على ما عرفتها من المسالك الثلاثة، تقدّم توضيح بعضها في أثناء مناقشة هذه المسالك، وبعضها مستأ نَف.

فمنها: تطرّق قواعد الجمع الدلاليّ والعرفيّ على مسلك الوضع والإطلاق، بخلافه على مسلك حكم العقل؛ فإنّه على الأوّلين يصبح الأمر طرفاً للمعارضة بمدلوله اللفظيّ بالوضع أو الإطلاق لدليل تفترض دلالته على الترخيص ونفي الوجوب، فتصل النوبة إلى الجمع الدلاليّ والعرفيّ، بينما لو بنينا على مسلك حكم العقل، فلا دلالة لفظيّة للأمر تعارض دليل الترخيص، وإنّما الوجوب يثبت بحكم العقل معلّقاً على عدم الترخيص، وقد ورد الترخيص حسب الفرض.

ومنها: أنّه على مسلك الوضع والإطلاق تثبت لوازم كون الأمر عن ملاك أكيد شديد، فلو علمنا مثلاً من الخارج أنّ الدعاء عند رؤية الهلال مع الدعاء آخر الشهر متساويان في درجة الملاك والمطلوبيّة، فإذا ورد أمر بأحدهما أثبتنا بذلك وجوب كليهما بناءً على مسلك الوضع والإطلاق لحجّيّة مثبتات الاُصول اللفظيّة، بينما بناءً على مسلك حكم العقل إنّما يكون الوجوب بحكم عقليّ من دون أن يكون للّفظ كشف عن درجة الملاك والمطلوبيّة، فلا يثبت وجوب الدعاء الآخر(1).

ومنها: ثبوت دلالة السياق على الوضع، وسقوطها على الإطلاق وحكم العقل.

وتوضيح ذلك: أنّ مبنى الفقهاء عادةً في الفقه قام على أنّه إذا وردت أوامر في سياق واحد بأشياء، وعرفنا من الخارج استحباب بعضها، كانت وحدة السياق قرينة على رفع اليد عن ظهور الأمر الآخر في الوجوب، فلو قال مثلاً: «إذا أردت



(1) وأيضاً لو علمنا بالملازمة بين الوجوب وأيّ أمر آخر شرعيّ أو ذي أثر شرعيّ، فعلى الوضع والإطلاق يثبت اللازم بالأمر مطلقاً، ولكن على مسلك الحكم العقليّ إن لم نعرف عدم الترخيص بالوجدان، وتمسّكنا باستصحاب عدم الترخيص، لم يمكن إثبات اللازم.