المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

473

الأمر الغيريّ غير مستقلّ في الوجود، بل هو تابع في الوجود للأمر النفسيّ، فكذلك يتبعه في التحريك، ولا يمكن أن يكون له تحريك مستقلّ، فالمحرّك حقيقة هو الأمر النفسيّ.

وكأنّ هذه الاصطلاحات مأخوذة من الحكماء، حيث قالوا: إنّ كلّ ممكن غير مستقلّ في الوجود، بل يتبع في وجوده واجب الوجود، فلا يستقلّ في الإيجاد والفاعليّة أيضاً، ومن هنا صحّ القول بأنّه لا فاعل حقيقة إلّا الله، فكأنّ هذا المطلب اُريد تطبيقه هنا، فالأمر الغيريّ حيث إنّه غير مستقلّ في الوجود في مقابل الأمر النفسيّ فلا يكون مستقلاًّ في المحرّكيّة والفاعليّة، بل فاعليّته من شؤون فاعليّة الأمر النفسيّ، في حين أنّ إسراء هذا البيان من مورد كلام الحكماء إلى ما نحن فيه غير صحيح؛ لأنّ الفاعل والموجد للوضوء خارجاً إنّما هو الإنسان، لا الأمر الغيريّ، وتعبيرنا بفاعليّة الأمر الغيريّ مسامحة، وإنّما الأمر بالوضوء يوجب فوائد مترتّبة على الوضوء: من استحقاق ثواب والتجنّب عن عقاب، فيكون هذا علّة غائيّة للفعل، فلابدّ من النظر إلى أنّ تلك الفوائد هل تترتّب على قصد الأمر الغيريّ مستقلاًّ، أو لا.

الوجه الرابع: أنّك قد عرفت: أنّ الأمر الغيريّ لا يترتّب على موافقته ثواب، ولا على مخالفته عقاب، إذن فلا أثر ولا تقرّب يترتّب على الفعل الذي يكون بتحريك هذا الأمر، فكيف يعقل تحريك هذا الأمر وحده، والتقرّب بالإتيان بالفعل بداعويّة هذا الأمر وحده؟!

فإن قلت: إنّ امتثال الأمر الغيريّ وإن لم يكن مقرّباً وموجباً للثواب بلحاظ الأمر الغيريّ، ولكن قد مضى: أنّ الإتيان بالمقدّمة يزيد في حجم ثواب العمل على وفق الأمر النفسيّ، فيقع الكلام في أنّ الذي يزيد في حجم ثواب العمل بالأمر النفسيّ هل هو خصوص الإتيان بالمقدّمة بداعي الأمر النفسيّ لذي