المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

463

استحقاق الجزاء على الأوامر الغيريّة

الجهة الثالثة: في استحقاق العقاب والثواب على الأوامر الغيريّة مخالفة وموافقة.

أمّا العقاب: فلا إشكال في أنّ مخالفة الأوامر النفسيّة توجب استحقاق العقاب؛ لأنّها تضييع لحقّ الطاعة للمولى، وتضييع الحقّ يصحّح العقاب من قبل من له الحقّ على من عليه الحقّ، وأمّا مخالفة الأمر الغيريّ، فتوضيح الحال فيها: أنّ العقاب على نحوين:

الأوّل: العقاب بالملاك الانفعاليّ.

والثاني: العقاب بالملاك المولويّ.

ومقصودنا بالعقاب بملاك الانفعال العقاب الناشئ من غضب المولى وتحسّره وتألّمه، فالمولى يضرب العبد عقاباً له على ما سبّبه له من انفعال، وهذا قد يتحقّق من غير المولى أيضاً على من خالف أوامره وتحكّماته، ولا إشكال في أنّ هذا العقاب إنّما يكون بسبب فوات الغرض النفسيّ، لا الغيريّ، بداهة أنّ المولى لو طلب مثلا ماءً بارداً من العبد، فلم يأتِ به، لم يحصل عند المولى إلّا انفعال واحد ولو فرض للفعل ألف مقدّمة، ولا يشتدّ انفعاله ويضعف بكثرة المقدّمات وقلّتها.

وبكلمة اُخرى: إنّ ضمّ ترك المقدّمة إلى ترك ذي المقدّمة كضمّ الحجر إلى جنب الإنسان، فالمولى لا يهمّه أن يأتي العبد بالمقدّمة، أو لا بعد فرض تركه لذي المقدّمة.

ومقصودنا بالعقاب المولويّ: العقاب الناشئ من حكم العقل بالمولويّة ولزوم الطاعة، ولابدّ في تشخيص موضوعه من الرجوع إلى العقل الذي أدرك حقّ الطاعة، والذي يدركه عقولنا أنّ موضوعه أيضاً هو ذاك الانفعال، فإنّ العقل يرى