المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

459

تمتاز ببيان الانحلال ببرهان آخر أيضاً؛ ولذا كان الانحلال فيه أوضح، وهو: أنّ البراءة عن المطلق لا تجري بقطع النظر عن البيان السابق؛ وذلك لأنّ وجوب المطلق ينحلّ إلى وجوب ذات المطلق وإلى إطلاقه: أمّا وجوب ذات المطلق، فمعلوم ولو في ضمن المقيّد، وأمّا إطلاقه، فليس ثقيلا وضيّقاً حتّى يشمله دليل البراءة، فإنّ مفاد دليل البراءة هو التوسيع.

وبهذا يتّضح: أنّه عندنا قانونان للانحلال الحكميّ، أحدهما يشمل المقامات الأربعة، وهو كون مخالفة أحدهما مستلزمة لمخالفة الآخر، والثاني يختصّ بقسم من المقام الرابع، وهو الأقلّ والأكثر بالمعنى الأخصّ، وهو: أنّه لا معنى لشمول البراءة لوجوب المطلق؛ إذ ذات المطلق معلوم الوجوب، وإطلاقه ليس ثقيلا حتّى يرفع.

ثُمّ إنّك عرفت: أنّ ملاك الانحلال فيما نحن فيه هو: أنّ ترك محتمل المقدّميّة مخالفة لكلا الواجبين النفسيّين المحتملين، بخلاف ترك الآخر، فمتى ما ثبتت هذه النكتة ثبت الانحلال، ومتى ما لم تثبت لم يثبت الانحلال.

وعليه فنقول: إنّ محتمل المقدّميّة ـ وهو الوضوء مثلا ـ تارةً يفرض: أنّ وقته على تقدير كونه واجباً نفسيّاً، ووقته على تقدير كونه واجباً غيريّاً متّحد، أو أنّ الأوّل أوسع من حيث الابتداء، أو الانتهاء، أو من كلا الجانبين، وعندئذ تنطبق عليه هذه النكتة للانحلال بلا إشكال؛ فإنّه لو ترك الوضوء فقد ترك الواجب الآخر، وهو الزيارة المقيّدة بالوضوء، أو تقيّد الزيارة بالوضوء، في حين أنّه يمكنه أن يترك الواجب الآخر، بأن يترك الزيارة المقيّدة بالوضوء في الصورة الثانية من الصور الأربع التي أشرنا إليها آنفاً في أوّل البحث، أو يزور قبل الوضوء في الصورة الرابعة من تلك الصور من دون أن يترك الوضوء.

واُخرى يفرض: أنّ الوقتين متباينان، أو أنّ الثاني أوسع، وعندئذ تختلّ النكتة، فهناك فرضان لاختلال النكتة: