المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

458

الملاك ـ بحسب الحقيقة ـ قانون كلّيّ للانحلال يسري في مقامات عديدة، والضابط الكلّيّ له: أنّه كلّما تشكّل علم إجماليّ بأحد تكليفين، وكانت مخالفة أحدهما مستلزمة لمخالفة الآخر، دون العكس، ففي مثل ذلك لا تجري البراءة عن هذا التكليف؛ لأنّ مخالفته مساوقة للمخالفة القطعيّة، وتجري البراءة عن الآخر بلا معارض.

وهذا الضابط للانحلال ينطبق في عدّة مقامات، نذكرها هنا على سبيل الإجمال:

الأوّل: ما نحن فيه، وهو ما لو علم إجمالا بوجوب نفسيّ لشيء، أو لشيء آخر يفرض الأوّل مقدّمة وقيداً له، فمخالفة الأوّل تستلزم مخالفة الثاني، دون العكس، فيثبت الانحلال الحكميّ كما عرفت الكلام فيه.

الثاني: إذا علم إجمالا بوجوب أحد ضدّين لهما ثالث، أو حرمة الآخر، كما لو علم إجمالا بوجوب استقبال القبلة، أو حرمة استدبارها، فمخالفة حرمة الاستدبار تستلزم مخالفة وجوب الاستقبال، دون العكس، فتجري البراءة عن وجوب الاستقبال بلا معارض.

الثالث: لو علم إجمالا بوجوب أحد أمرين وجوديّين متغايرين، وكان أحدهما أخصّ مورداً من الآخر، فترك الأعمّ مورداً يستلزم ترك الأخصّ، دون العكس، كما لو علم إجمالا بوجوب استقبال منارة في الصحن عن قرب، أو استدبار حائط الصحن، فترك استدبار حائط الصحن يساوق ترك استقبال المنارة عن قرب، دون العكس(1)، فتجري البراءة عن وجوب الأخصّ.

الرابع: موارد الأقلّ والأكثر الارتباطيّين بالمعنى الأعمّ الشامل للشكّ في الجزء والشرط، ولدوران الأمر بين التعيّين والتخيير، كدوران الأمر بين وجوب إكرام حيوان، أو خصوص الإنسان، فمخالفة وجوب الأقلّ تستلزم مخالفة الأكثر، دون العكس.

نعم، موارد الأقلّ والأكثر بالمعنى الأخصّ، وهو الشكّ في الجزء والشرط



(1) أي: أنّ ترك استقبال المنارة عن قرب لا يساوق ترك استدبار حائط الصحن.