المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

457

على ما بنى عليه المحقّق النائينيّ (رحمه الله) ـ وهو الصحيح ـ من جريان الاُصول الترخيصيّة في أطراف العلم الإجماليّ إذا لم يمكن عقلا للمكلّف الاستناد إليها جميعاً في عرض واحد الذي ينجرّ إلى المخالفة القطعيّة، ومثال ذلك الشبهة غير المحصورة التي لا يمكن للمكلّف ارتكاب جميع أطرافها؛ حيث ذكر المحقّق النائينيّ (رحمه الله): أنّه إذن لا بأس بجريان الاُصول في تمام أطرافها، وما نحن فيه عند فرض عدم تعدّد الواقعة من هذا القبيل، فإنّ المكلّف لا يمكنه أن يستفيد في واقعة واحدة من الأصل في كلا طرفي العلم الإجماليّ، أي: من أصل البراءة عن الوجوب النفسيّ للوضوء، وأصل البراءة عن التقيّد في وقت واحد؛ وذلك لأنّه لا يخلو أمره في واقعة واحدة من أنّه يصلّي أو يترك الصلاة، فإن ترك الصلاة فالبراءة عن التقيّد لا تفيده؛ فإنّ عقاب ترك الصلاة مسجّل عليه لا محالة، وليس هناك عقاب آخر ينتفي بالبراءة عن التقيّد، وإن أتى بالصلاة فالبراءة عن الوجوب النفسيّ للوضوء لا تفيده؛ إذ لا يمكن أن ينفى بهذه البراءة أصل العقاب، ولا عقاب ثان. أمّا الأوّل فلأنّ ترك الوضوء يستلزم المخالفة القطعيّة للمعلوم بالإجمال على كلّ تقدير، ولا تأمين عن العقاب على المخالفة القطعيّة. وأمّا الثاني فلأنّه في فرض الإتيان بالصلاة يقطع بعدم عقاب ثان؛ إذ لا يحتمل في الوضوء أن يكون واجباً نفسيّاً وقيداً للصلاة في وقت واحد، وليس الواجب النفسيّ الذي يترك عند ترك الوضوء إلّا واجباً واحداً وهو الوضوء، أو تقيّد الصلاة بالوضوء؛ لأنّ المفروض إتيانه بأصل الصلاة، وعليه فلا يقع التعارض بين البراءتين.

نعم، لو تعدّدت الواقعة، أمكنه أن يصلّي في إحداهما، ويترك في الاُخرى، فيستفيد من كلتا البراءتين.

وقد تحصّل من استعراضنا لهذه الصور الأربع، والكلام فيها: أنّ ملاك الانحلال الحكميّ موجود في الصورة الثانية، بل والرابعة أيضاً على تفصيل عرفت، وهذا