المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

456

أنّه قد يقال: إنّه أيّ فرق بين الصورة الثانية والصورة الرابعة، فكما علمنا إجمالا في الصورة الرابعة بالوجوب النفسيّ للوضوء، أو الوجوب النفسيّ لتقيّد الصلاة بالوضوء، كذلك علمنا إجمالا في الصورة الثانية بالوجوب النفسيّ للوضوء، أو الوجوب النفسيّ للزيارة، وغاية الفرق بينهما: أنّ طرفي العلم الإجماليّ في الصورة الثانية كانا عبارة عن وجوب نفسيّ مستقلّ، ولكن في هذه الصورة أصبح أحد طرفيه عبارة عن وجوب نفسيّ ضمنيّ، وهو وجوب التقيّد وهذا الفرق ليس فارقاً؛ فإنّه كما كنّا نقول في الصورة الثانية: إنّ البراءة عن وجوب الزيارة لا تعارضها البراءة عن الوجوب النفسيّ للوضوء؛ لأنّ ترك الوضوء يستلزم المخالفة القطعيّة، والتأمين عن العقاب مع المخالفة القطعيّة غير معقول، كذلك نقول في المقام: إنّ البراءة عن وجوب التقيّد لا تعارضها البراءة عن الوجوب النفسيّ للوضوء؛ لأنّ ترك الوضوء يستلزم المخالفة القطعيّة، والتأمين عن العقاب مع المخالفة القطعيّة غير معقول.

إلّا أنّ هذا الإشكال بهذا المقدار لو اُلقي على السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ أمكنه أن يجيب ببيان الفرق بين الصورتين، فإنّه في الصورة الثانية البراءة عن الوجوب النفسيّ للوضوء لا تفيد، لا لنفي أصل العقاب؛ للقطع بالمخالفة، ولا لنفي عقاب ثان؛ للقطع بعدم عقاب ثان؛ لعدم وجود وجوبين نفسيّين، وأمّا في الصورة الرابعة، فالبراءة عن الوجوب النفسيّ للوضوء تفيد، لا لنفي أصل العقاب حتّى يقال: إنّ ترك الوضوء يستلزم المخالفة القطعيّة، بل لنفي عقاب ثان فيمن ترك الصلاة والوضوء معاً؛ فإنّ الوضوء لو كان مقدّمة للصلاة لم يعاقب إلّا بعقاب واحد على ترك الصلاة، ولو كان واجباً نفسيّاً كان عليه عقاب آخر لترك الوضوء، فهذا هو الفرق بين الصورتين.

إلّا أنّ التحقيق: أنّ هذا الفرق ليس فارقاً عند فرض وحدة الواقعة، وذلك بناءً