المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

454

التقريب الثاني: الانحلال الحكميّ بإجراء البراءة عن وجوب الزيارة بلا معارضة بالبراءة عن الوجوب النفسيّ للوضوء؛ لأنّ نفي وجوبه النفسيّ إن قصد به التوصّل إلى نفي العقاب بلحاظ ترك الوضوء الذي هو مخالفة قطعيّة، فهذا خارج عن عهدة البراءة، ويكون ذلك غير قابل للرفع عقلا أو عقلائيّاً، فإنّه لو ترك الوضوء فقد خالف حتماً: إمّا الوجوب النفسيّ للوضوء، أو الوجوب النفسيّ للزيارة المقيّدة بالوضوء، وهو يستحقّ العقاب يقيناً، وإن قصد به التأمين عن عقاب آخر، فلا يحتمل عقاب آخر حتّى يؤمّن من ناحيته؛ فإنّ المفروض: أنّه لا يوجد إلّا وجوب نفسيّ واحد، فلا يوجد إلّا عقاب واحد، وهذا بخلاف البراءة عن وجوب الزيارة، فإنّ ترك الزيارة لا يستلزم المخالفة القطعيّة؛ إذ بإمكانه أن يتوضّأ ولا يزور، وحينئذ يشكّ في العقاب، ويكون نفي العقاب بإجراء البراءة عن وجوب الزيارة.

الصورة الثالثة: أن نفترض: أنّنا عرفنا فقط أنّ المولى أمر بالوضوء، ولا ندري: هل هو واجب نفسيّ، أو غيريّ، وعلى تقدير كونه غيريّاً الأمر يدور في واجبه النفسيّ الذي يكون هذا مقدّمة له بين اُمور غير محصورة، فيتشكّل علم إجماليّ بوجوب نفسيّ مردّد بين اُمور غير محصورة إمّا الوضوء، أو أحد اُمور كثيرة. وقد حقّقنا في محلّه: أنّ العلم الإجماليّ في الشبهة غير المحصورة لا ينجّز حتّى حرمة المخالفة القطعيّة، وأنّه تجري البراءة في كلّ الأطراف، فتجري البراءة حتّى عن الوجوب النفسيّ للوضوء.

ولا يقال: إنّ ترك الوضوء بالأخرة يؤدّي إلى المخالفة القطعيّة؛ فإنّه لا بأس بذلك.

الصورة الرابعة: أن نعلم إجمالا أنّ الوضوء: إمّا واجب نفسيّ، أو واجب غيريّ لما هو معلوم الوجوب على كلّ حال كالصلاة مثلا.