المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

453

وأمّا الأصل العمليّ: فنتكلّم فيه بلحاظ عدّة صور:

الصورة الاُولى: أن يكون الوضوء على تقدير كونه واجباً غيريّاً مقدّمة لواجب نفسيّ غير فعليّ، كأن يكون مقدّمة للصلاة، ولكن المكلّف عبارة عن إمرأة حائض فعلا، وهذا معناه: أنّ الوجوب الغيريّ للوضوء غير فعليّ حتماً، والوجوب النفسيّ له مشكوك تجري عنه البراءة بلا إشكال.

الصورة الثانية: أن يعلم إجمالا: إمّا بوجوب الوضوء نفسيّاً، أو بوجوبه غيريّاً مقدمةً لشيء نحن لا نعلم بوجوبه بالفعل، أي: لا نعلم بكونه واجباً حتّى على تقدير نفسيّة وجوب الوضوء، وإنّما نعلم بوجوبه على تقدير كون وجوب الوضوء غيريّاً، وذلك كما لو علمنا إجمالا بأنّه: إمّا يجب الوضوء وجوباً نفسيّاً، أو تجب الزيارة مثلا المقيّدة بكونها مع وضوء، فيكون الوضوء واجباً غيريّاً من دون العلم الفعليّ بوجوب الزيارة.

وفي هذه الصورة يتشكّل علم إجماليّ: إمّا بوجوب الوضوء نفسيّاً، أو بوجوب الزيارة مثلا نفسيّاً.

وهناك تقريبان لدعوى انحلال هذا العلم الإجماليّ، والرجوع إلى الأصل المؤمّن:

التقريب الأوّل: دعوى الانحلال الحقيقيّ؛ لكون أحد طرفي العلم الإجماليّ ـ وهو الوضوء ـ معلوم الوجوب تفصيلا، فيكون الطرف الآخر ـ وهو الزيارة ـ مشكوك الوجوب بدواً، ونفي وجوبه بالبراءة.

وهذا التقريب غير صحيح؛ إذ الانحلال الحقيقيّ غير معقول إذا لم يكن متعلّق العلم التفصيليّ من سنخ متعلّق العلم الإجماليّ، وهنا متعلّق العلم الإجماليّ إنّما هو الوجوب النفسيّ: إمّا للوضوء، أو للزيارة، في حين أنّ متعلّق العلم التفصيليّ ليس هو الوجوب النفسيّ، بل الجامع بين الوجوب النفسيّ والغيريّ للوضوء.