المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

229

التقريب الرابع: ما يمكن أن يكون تعديلا للتقريب الثالث. وتوضيح ذلك: أنّ الكبرى التي ادّعيت في التقريب الثالث كانت عبارة عن أنّه متى ما دار الأمر بين التقييد بقيد وجوديّ والتقييد بقيد عدميّ، كان السكوت معيّناً للثاني في مقابل الأوّل.

وهذه الكبرى بهذا العنوان غير صحيحة، ولذا ترى: أنّه لو قال: «أكرم العالم»، وعلمنا أنّه مقيّد: إمّا بخصوصيّة العدالة، فلا يمكن إثباتها بالاستصحاب، أو بخصوصيّة عدم الفسق، فيمكن إثباتها بالاستصحاب، لم يمكن تعيين الثاني بالسكوت؛ إذ كلاهما أمر زائد، والإطلاق يدفع كليهما، فلا نكتة لاستظهار الأمر العدميّ في مقابل الوجوديّ، ومنشأ هذا التوهّم هو تخيّل كون هذا هو المنشأ لحمل اسم الجنس على المطلق، بينما قلنا: إنّ الإطلاق في اسم الجنس يدلّ على عدم لحاظ القيد، لا على رفضه ولحاظ عدمه، على أنّه حتّى لو اُريد تعيين الإطلاق اللحاظيّ في قبال التقييد اللحاظيّ، وغضّ النظر عن الإطلاق الذاتيّ، أمكن ذلك بتطبيق الكبرى الاُخرى التي نجعلها بديلا لهذه الكبرى، أو تعديلا لها، فإنّ هذه الكبرى يمكن التعبير عنها بنحو آخر، وهو: أنّه كلّما دار الأمر في مقام الثبوت بين خصوصيّتين وكان كلّ واحدة منهما تناسب خصوصيّة في مقام الإثبات، فحينما نرى إحدى الخصوصيّتين الإثباتيّتين في الكلام نستكشف بذلك: أنّ الخصوصيّة الثبوتيّة هي تلك الخصوصيّة المناسبة لهذه الخصوصيّة الإثباتيّة، وذلك عملاً بأصل عقلائيّ يعطي ظهوراً للكلام، وهو أصالة التطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت، فإذا دار الأمر مثلا بين التقييد اللحاظيّ والإطلاق اللحاظيّ وهو رفض القيد، وغضضنا النظر عن الإطلاق الذاتيّ، فلحاظ القيد ثبوتاً يناسب ذكره إثباتاً، ورفضه ثبوتاً يناسب السكوت إثباتاً؛ فإنّ رفض القيد في عالم الثبوت يعني شيئاً، لكن في عالم الإثبات لا يعني أكثر من السكوت، وقد فرضنا أنّه سكت، فيثبت الإطلاق بنكتة أصالة التطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت.

وهذه الكبرى لا تجري فيما نقضنا به على الكبرى السابقة من دوران الأمر بين